الأحد، 27 سبتمبر 2009

نحو جوبا مارش..!!!



صلاح الدين عووضة

الأحد, 27 سبتمبر 2009 08:36
(هذا المقال تم حجبه من قبل الرقابة)

* الغالبية العظمي من ابناء الشعب السوداني (الجفل) لا تعلم شيئا عن مؤتمر جوبا..
* ولا يهمها أن تعلم..
* فهم قد (جفلوا) بفعل (فاعل!!) وصاروا يعيشون على هامش وطن كان ملكهم حتي وقت قريب..
* الآن هم (هامشيون) يتفرجون على (من!!) صار الوطن ملكاً خالصاً لهم..
* يتفرجون على ما يأتي من تلقائهم من (بدع!!)..
* وينصرفون عما يندرج تحت شعار (الخدع!!)..
* فكل الذي تصم (جعجعته) الآذان ولايُري له (طحن) هم عنه ينصرفون..
* فلا (المصفوفة) تعنيهم في شئ..
* ولا (المنقوضة) كذلك..
* فالهامشيون اعتادوا على ان يكون هنالك (صفّ) ثم (نقض)..
* محض (رتابة) سياسية (مقصودة!!) تخفي رغبة في ابقاء الامور على ماهي عليه..
* فالقاء حجر في البركة الساكنة بين حين وآخر – إذا- لهو أمر مفيد للطرفين كليهما..
* لمن يريد أن يكون (ساكنا!!) منهما..
* ولمن يريد ان يكون (متحركا!!)..
* فالقابضون على زمام الأمور الآن يعجبهم (السكون) ما دامت احوالهم (ساكنة)..
* والقابضون على جمر المعارضة لايعجبهم (السكون) ما دامت احوالهم (غير متحركة)..
* أما القابضون على (حافة) الوطن – أو (درابزينه)- من المهمشين فهم غير مشغولين بسكون اولئك، ولا حراك هؤلاء..
* فهم لا يهمهم الا أن يبقي لهم هذا الداربزين صامدا..
* فهو خط الدفاع الهامشي الأخير لهم كمواطنين أنفاسهم (طالعة ونازلة)..
* أما (المحتركون) الآن بجوبا فهم يحركهم – ويا للغرابة- (الساكنون)..
* فحين قام بعضهم – مثلا- بـ(حركة) ما سمي باتفاق القاهرة ثبت أنها حركة (خداعية!!) مقصودة جُرجر بها (المفرفرون) بالخارج حتي (يسكنوا) بالداخل..
* و(سكن) بعضهم بالفعل في مجلس (السكون) – أو (السكوت)- الوطني..
* وصاروا جزءا من (الاجماع السكوتي)..
* و(سكن) بعض آخر في وزارات يعمّها (السكون)..
* و(سكن) بعض ثالث في (سكن) ميري فاخر..
* وانتهي (الحراك)..
* وحين قام (مفرفرون) آخرون بـ(حركة) ما سمي بـ(التراضي الوطني) اتضح انها حركة (خداعية) القصد منها ضرب سياج من (السكون) على (بيت الامة)..
* ولف (السكون) البيت..
* وانتهي (الازعاج)..
* وحين (حُرّك) ساكن تحت الارض ذاك تبيّن انه (حراك) نحو (سكون) آخر فوق الأرض..
* وانتهي (الغموض)..
* فكل الذين تحركوا نحو جوبا – اذا- هم في الاصل ساكنون (حرّكتهم) ايادٍ ساكنة في الخفاء..
* ثم (المُحركون) هؤلاء يبدون الآن وكأنهم منزعجين من هذا الحراك..
* يبدون منزعجين رغم انهم يفركون اياديهم في الخفاء فرحا بهذا الحراك وهم يرددون اوامرهم (غير المباشرة!!) :(نحو جوبا مارش)..
* فالجرجرة الحركية الكبري قد آن اوانها الآن بحلول موعد الانتخابات..
* ثم تكون الضربة القاصمة حينها لاحزاب لم يعد لها (حراك)..
* ولا هي قادرة على ان تحرك (ساكنا!!).

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

بنطلون مشروع الجزيرة !!


مناظير
زهير السراج

بنطلون مشروع الجزيرة !!
حذفته الرقابة من النسخة الورقية


* تخيلوا هذا الذى يحدث فى ادارة مشروع الجزيرة .. تستعنى الادارة عن أكثر من ألف عامل وتقوم بتمليكهم منازل فى المشروع كتسوية لحقوقهم المالية ثم يكتشف العاملون أن هذا التمليك اسمى فقط، أو فخرى ولا أريد أن أقول ( وهمى)، ولا يوجد أى دليل مادى فى وزارة التخطيط العمرانى أو سجلات الاراضى عليه !!

* ليس ذلك فقط، بل ان المنازل التى اوهمتهم الادارة بأنهم صاروا ملاكها بدلا عن حقوقهم المالية ، يسكنها معاشيون يتبعون لمشروع الجزيرة لم يحصلوا على حقوقهم منذ حوالى خمسة اعوام، ويرفضون إخلاء المنازل !! ماذا يمكن أن نسمى هذا وتحت أية مادة من القانون الجنائى يندرج؟!

* الفصة لم تنته بعد .. فالادارة الموقرة أوقفت صرف رواتب حوالى ألفى عامل آخرين اعتبارا من نهاية الشهر الماضى باعتباره آخر شهر لعملهم بالمشروع، ولم تخطرهم بذلك .. يعنى فصل سرى من الخدمة ، هل سمعتم بالفصل السرى من قبل ؟!!

* ومن عجب أن الذين فصلوا بهذا النوع الجديد من انواع الفصل والاستغناء عن الخدمة لم يصرفوا مرتباتهم منذ ثلاثة أشهر !!

* ثلاثة أشهر كاملة من ضمنها الشهر الكريم مرت عليهم بدون مرتبات، ثم استغناء سرى عن الخدمة مع استمرار توقف صرف المرتبات والدنيا قبائل عيد !! مرة أخرى .. ماذا يمكن أن نسمى هذا وتحت اى مادة من القانون الجنائى يندرج ، والى ماذا تهدف إدارة المشروع من هذه العمايل؟!

* للأسف الشديد .. لا توجد سوى إجابة واحدة يطلق عليها القانون اسم ( الاحتيال) ، واضيف عليها .. محاولة إثارة الفتنة والكراهية بين العاملين فى المشروع، فالذين ملكتهم البيوت الوهمية لا شك انهم الان ينظرون الى الذين يقيمون بها ويرفضون مغادرتها نظرة عدائية، ويقول زميلنا تاج السر أحمد المراسل الصحفى للزميلة الغراء جريدة ( الصحافة) من ود مدنى بأن العاملين يعيشون حالة احتقان، يعنى حالة غيظ وغليان، فلا هم استلموا استحقاقاتهم المالية ولا هم امتلكوا البيوت التى وعدتهم بها إدارة المشروع كبديل لحقوقهم المالية ؟؟ ما رأى شرطة أمن المجتمع فى هذا .. ألا ترتدى إدارة مشروع الجزيرة لبسا فاضحا وسروالا ضيقا ( اسم الدلع لبنطلون) يظهر المفاتن ويثير الفتن تستحق عليه الجرجرة الى المحاكم والجلد ( أربعين ألف جلدة) بواقع اربعين جلدة عن كل عامل من الالف عامل الذين خدعتهم وملكتهم السراب ؟!

* ثم هنالك ( ثمانين ألف جلدة) أخرى عن مشروع الفصل السرى لألفى عامل وتعريضهم لأقصى درجات المعاناة والعذاب بعدم صرف مرتباتهم منذ أكثر من ثلاثة أشهر بينها الشهر الكريم، ويدخل عليهم الان العيد السعيد ليجد بيوتهم خالية من الفئران، مليئة بالاحزان بينما تسرح وتمرح إدارة مشروع الجزيرة وتلبس البناطلين المحزقة على كيفها بدون أن يجرؤ أحد على أن يقول لها .. ( تلت التلاتة كام ) !!
drzoheirali@yahoo.com
جريدة السودانى، 16 سبتمبر، 200

"إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" ... ثم دودة في خلاء الجريف يدعّي الربوبية




"إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" ... ثم دودة في خلاء الجريف يدعّي الربوبية
سالم أحمد سالم
باريس
salimahmed1821@yahoo.fr

منع من النشر على صفحات سودانايل الالكترونية

أبو طالب يحتضر والرسول الكريم عند رأس عمه وهو يقول "يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله يوم القيامة" فيجيبه عمه أبو طالب "لولا أن تعيّرني قريش ويقولون ما حمله عليها إلا جزعه من الموت لأقررت بها عليك" وجاء في محكم التنزيل: "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" واتفق المتقدمون والمتأخرون أن الآية الكريمة قد نزلت في مشهد وفاة أبي طالب. لكن يبدو أن المسلمين منذ فجر الإسلام وإلى اليوم قد آثروا الوقوف إلى جوار سرير أبي طالب يغالط بعضهم بعضا عما إذا كان أبو طالب قد مات مسلما أم كافرا. فبينما "قرر" البعض أن أبا طالب مات مسلما إلا قليلا، فقد اتخذت الغالبية الآية الكريمة برهانا على استثناء أبي طالب عن الهداية. هكذا إذن أصبح البشر هم من يقرر في أمر الكفر والإيمان والآخرة والحشر والنشور يرسلون هذا إلى الجنة فيعيده آخرون إلى النار!
والمدهش في حكاية أبي طالب أن الفريقين يحتكمان إلى آية واحدة هي الآية الكريمة التي وردت أعلاه. لكننا إذا نظرنا إلى الآية الكريمة بتجرد نجد الجزء الأول منها "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ" لا يستثني أبا طالب أو غيره من البشر أجمعين عن الهداية، لكنه يوضح أن البشر بما فيهم الأنبياء والرسل لا يستطيعون غرس الهداية في صدور الآخرين. والجزء الأوسط من الآية الكريمة "وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء" فهو أيضا لا يستثني أحدا من العالمين عن الهداية الربانية، لكنه يوضح أن الهداية مشيئة ربانية لا يزرعها بشر في قلب بشر آخر. فعبارة "مَن يَشَاء" لا تستثني، بقدرما تفتح باب الرحمة والهداية التي ينعم بها الله "بمشيئة" على من يشاء، وأن أمر الهداية كله في يده وحده تعالى لمن يشاء له الله الهداية. فهناك فرق دقيق لكنه جسيم بين الاستثناء عن الهداية، وهو ما لم يرد في الآية الكريمة، وبين كون أن الهداية في يد الله. ثم يجيء الجزء الثالث من الآية الكريمة "وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" ليؤكد بأن الله وحده هو من يعلم بالمهتدين.
نعم الله وحده أعلم بالمهتدين لأن محل الهداية هو القلب الذي يودع الله فيه الهداية لمن هدى، ولا يعلم مكنونات القلوب إلا الله وحده أو بوحي من الله لنبي من أنبيائه. بمعنى أنه مهما ظن الناس في هداية هذا أو تلك من ظاهر مما يرونه من صيام ومساويك ونسك وغرر على الجباه من أثر السجود، لا يستطيع أحد أن ينفذ إلى حقيقة خبايا القلوب والسرائر وقياس درجة الإيمان في قلب شخص أخر أو معرفة وجود الإيمان نفسه من عدمه. لقد جاء الخطاب القرآني للرسول الكريم حتى يتعلم الناس أولا أنهم لا يغرسون الهداية في نفوس غيرهم، وثانيا أن الله هو الذي يهدي، وثالثا أن الله وحده هو "أعلم" بحقيقة ما انطوت عليه القلوب. وكل ذلك لا يتنافى مع دور الرسل في البلاغ والدعوة للهداية، فهناك فرق بين أن يكون المرء وسيلة للهداية وداعيا لها وبين أن تكون له قدرة على غرس الهداية في قلب من يحب من ولد وأهل وأحباب. وتجيء الآية الكريمة في مجملها مهيمنة فلا يستطيعنّ بشر بعدها أن يزعم أنه يعرف إيمان هذا من كفر ذاك، ومن يقول بذلك فقد سفه نفسه واستخف اتباعه ووضع نفسه في مقام الربوبية بادعاء معرفة الإيمان أو الكفر في قلوب الناس، ولنا شواهد كثيرة سوف تترى من الكتاب والسنة المطهرة.
وفي سيرة أبي طالب، فقد ورد في الأثر أن أبا طالب أقر بصدق النبي الكريم في أبيات من الشعر يقول فيها: ولقد علمتُ بأَنَّ دينَ محمدٍ من خيرِ أَديانِ البَرِيَّةِ دِينَا .. لولا المَلامةُ أَو حِذارُ مَسَبَّةٍ، لوَجَدْتَني سَمْحاً بذاك مُبِيناً. لكن الثابت الذي ليس به شق شَعرة من شك أن أبا طالب هو الذي آوى النبي الكريم صغيرا بعد وفاة عبد المطلب، وهو الذي حماه بعد البعثة وقبل الهجرة. وفي ذلك رأي بعض المتقدمين أن مجاهدات أبي طالب وحده في حمايته للرسول الكريم خلال العشر سنوات التي سبقت الهجرة تعدل مجاهدات المهاجرين والأنصار خلال العشر سنوات التي أعقبت الهجرة. فالسنوات العشر التي سبقت الهجرة كانت من أصعب سنوات الرسالة، لأنها السنوات التي صدمت فيها مكارم الرسالة ودعوة التوحيد ما درجت عليه العرب و"الآسرة الدولية" آنذاك من تعدد للآلهة وأعمال منافية لمكارم الأخلاق والفطرة. وأبو طالب كان يتمتع بخصائص الصلابة والشموخ والحكمة وبحبه للرسول الكريم. فقد وقف أبو طالب صلبا كأنه أخشب ثالث لأخشبي جبال مكة وهو يحمي ابن أخيه ورسالة أبن أخيه محمد رسول الله في مرحلة لا يجرؤ فيها رجل على الوقوف في وجه قريش وقبائل العرب إلا من كان في جسارة وشموخ أبي طالب وفي حبه لابن أخيه. وكان أبو طالب حكيما لأنه بقي "وسيط المفاوضات" بين قريش والعرب وبين الرسول الكريم إلى أن رفض الرسول الكريم ترك أمر الرسالة حتى لو وضعوا الشمس والقمر في يمينه ويسراه ناهيك عن الملك الذي عرضوه عليه.
وإذا كان الإيمان هو "ما وقر في الصدر وصدقه العمل" فهل يا ترى ما وقر في صدر أبي طالب هو ذلك الذي صدقه بالعمل المسبق؟ ثم إن الرسول الكريم قال وهو يقرّب بين أصبعيه "أنا وكافل اليتيم كهذين في الجنة" وعبد المطلب ومن بعده أبو طالب قد كفلا أشهر الأيتام طرا خاتم الأنبياء. ثم إن الرسول الكريم اختصر رسالة الإسلام بقوله عليه أفضل الصلاة والسلام "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وأبو طالب كان على مكارم خلق كفل بها ابن أخيه ودافع عنه واحتمل الكثير بين شعاب مكة من أجله. لكن وبرغم كل ما ورد هنا، نربأ أن نزعم أن هذا كافر وهذا مؤمن أو هذا في الجنة وذاك في النار إلا ما بلّغ عنه الرسول الكريم عن الشهداء وعمّن بشرهم الله على لسان رسوله الكريم بالجنة. فالإيمان من عدمه من خبايا القلوب التي لا يعلمها إلا الله عالم الغيب والشهادة، والعبارة القرآنية: "عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ" وردت عشر مرات في القرآن الكريم في سور الأنعام، التوبة مرتان، الرعد، المؤمنون السجدة، الزمر، الحشر، الجمعة ثم التغابن. ويقول صاحب "الميزان في تفسير القرآن" في تفسيره للآية الكريمة من سورة الجن "عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا" " : (قوله تعالى: «َعَالِمُُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا» إظهار الشيء على الشيء إعانته و تسليطه عليه، و«عَالِمُُ الْغَيْبِ» خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير هو عالم الغيب، ومفاد الكلمة بإعانة من السياق اختصاص علم الغيب به تعالى مع استيعاب علمه كل غيب، ولذا أضاف الغيب إلى نفسه ثانيا فقال: «عَلَى غَيْبِهِ» بوضع الظاهر موضع المضمر ليفيد الاختصاص ولو قال: فلا يظهر عليه لم يفد ذلك. والمعنى هو عالم كل غيب علما يختص به فلا يطلع على الغيب، وهو مختص، به أحد من الناس. فالمفاد سلب كلي وإن أصر بعضهم على كونه سلبا جزئيا محصل معناه لا يظهر على كل غيبه أحدا ويؤيد ما قلنا ظاهر ما سيأتي من الآيات. قوله تعالى: « إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ» استثناء من قوله: «أَحَدًا»، و«مِن رَّسُولٍ» بيان لقوله «مَنِ ارْتَضَى» فيفيد أن الله تعالى يظهر رسله على ما شاء من الغيب المختص به. فالآية إذاً انضمت إلى الآيات التي تخص علم الغيب به تعالى كقوله: « وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ»: الأنعام: 59، و قوله: « وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ »: هود 123 والنحل: 77، و قوله: «قُل لّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ»: النمل: 65. أفاد ذلك معنى الأصالة والتبعية فهو تعالى يعلم الغيب لذاته وغيره يعلمه بتعليم من الله.) انتهى نص صاحب الميزان في تفسير القرآن.
الآيات القرآنية الصريحة هي قول الله الحاسم بأن غيب الصدور من علم الله وحده، وفي الصدور تكمن حقيقة الإيمان والكفر، وعليه فإن من يحكم بكفر فرد أو فئة يكون قد وقع في خطيئتين، أولا تكفير الناس بما ليس به علم، وهو غيب الصدور والأنفس الذي لا يعلمه إلا الله، واضعا نفسه في مقام الله الذي يعلم حقيقة الإيمان من الكفر في القلوب. وقد روي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: من قال لأَخيه يا كافر فقد باء به أَحدهما، لأَنه إِما أَن يَصْدُقَ عليه أَو يَكْذِبَ، فإِن صدق فهو كافر، وإِن كذب عاد الكفر إِليه بتكفيره أَخاه المسلم" .. فمن ذا يا ترى من يستطيع أن يزعم بمعرفة الكفر أو الإيمان في حنايا القلوب؟ ولا تبقى أمامنا إلا الحقيقة الناصعة بأن من يزعم أنه يعلم علم الله إلا أن يكون قد ادعى لنفسه مرتبة الربوبية "وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ" المائدة، الآية 116. والخطيئة الثانية هي أن من يزعم بكفر فئة يكون قد حكم ضمنا بإيمان باقي أفراد وفئات المجتمع، وهو حكم في ما ليس له به علم. أي أن من يقول بذلك بكون قد قسّم المجتمع بزعمه إلى شق مؤمن وشق كافر. ومن حيث أن تحديد الكافر عن المؤمن يعقبه الجزاء بالثواب أو العقاب، فإن من يفعل ذلك يكون قد ادعى الربوبية يرسل هؤلاء إلى جنة النعيم ويرسل أولئك إلى جهنم زمرا، وهو ما لم يؤت لبشر أو نبي: "قُلْ مَا كُنتُ بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ" الأحقاف، الآية 9. "قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" الأعراف. "قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلاَ نَفْعًا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ" يونس. "قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا" الجن. "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ * وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ" الشورى. وجاء في الأثر والسنة المطهرة قول الرسول الكريم لفلذة كبده السيدة فاطمة الزهراء أم الحسن والحسين وزوج على كرم الله وجهه "يا قاطمة لا أملك لك من الله شيئا" وفي الأثر أنه عندما سئل الحسن البصري أأنت مؤمن؟ قال في معرض إجابته لا أدري إذا كنت منهم أم لا.
وبعد كل هذا تخرج دودة من خلاء الجريف في السودان يدعى محمد عبد الكريم يكفر الناس ويوزع صكوك الإيمان والكفران، وفي ذلك إدعاء صريح بالربوبية لأنه ادّعى لنفسه علما لا يعلمه إلا الله. فإذا كان أرباب الكنائس في عصور الظلام يبيعون صكوك الغفران من أجل جمع الذهب والمال والسخرة، فإن دودة خلاء جريف السودان فاقهم في الضلالة بادعاء علم غيب الله وسعى إلى التكسب وسعى بين الناس بالفتنة التي هي أشد من القتل، وحرض على القتل ببينونة كبرى تفرض محاكمته بحد الحرابة وبالشروع في القتل بالتدبير المسبق والترصد.
وبديهي أن تجد ظاهرة "دودة خلاء الجريف" في هذه الظروف أشياعا تبّعا من بعض الشباب بسبب التقمص الديني المتفشي وفورة العمر ونقص المعرفة بالمستويين الديني والإيماني. ومن بين التبّع نجد أيضا كبار السن من أصحاب المراهقة المتأخرة الذين مهما بلغت مراتبهم العلمية يظلون على ظمأ نفسي حبيس فيجدون متنفسا له في الانقياد والانضمام لمثل هذه الجماعات والخلايا. هذه الظواهر معروفة في العالم شرقه وغربه ماضيه وحاضره في كل المجتمعات والديانات البوذية والمسيحية والمسلمة والأرواحية. فالظاهرة لا تعدو كونها تكوين جماعة أو طائفة أو sect حيث يستغل أحد الناس ذكاءه ومواهبه في استلاب إرادة طائفة أو مجموعة من الناس فيمضي بهم إلى حيث تريد نوازعه ونواقصه وهواجسه. ولعل أبرز النماذج ما حدث في الولايات المتحدة الأميريكية خلال العقود الثلاثة الماضية. فقد استلب رجل إرادة مجموعة من الناس واعتزل بهم في إحدى غابات أميريكا الجنوبية ودفعهم إلى انتحار جماعي. ثم الحادثة الأخرى التي وقعت داخل أميريكا عندما قام أحدهم باستلاب إرادة مجموعة بشرية وأقنعهم بشرب السم والانتحار الجماعي للعودة إلى البقعة التي هبط منها الإنسان إلى كوكب الأرض! ولا شك أن زعامات مثل هذه الخلايا يتمتعون بمواهب عالية في كيفية استقطاب بعض الناس والسيطرة عليهم سيطرة نفسية كاملة، حتى تصبح الخلية عريكة في يدهم يوجهون أفرادها حيث أرادوا يستغلون الدين والغيبيات في هذه الأعمال. أما المستوى الأدنى الأخف ضررا فنجده يتجسد في البسطاء الذين يقعون ضحية لأعمال الدجل والشعوذة. وأما دودة خلاء الجريف فقد تجاوز هذه الجماعات المحصورة فخرج بربوبيته المزعومة على المجتمعات كافة يكفر هؤلاء ويضمن إيمان هؤلاء ويطعن في الزيجات المصكوكة بمواثيق شرعية ويرمي المحصنات بالزنا ويقدح في الأنساب ويرمي المواليد بالسفاح. وتجاوز دودة خلاء الجريف فرعون في ادعاء الربوبية لأن فرعون ادعى ربوبية مادية دنيوية "وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ" الزخرف. "وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ" يونس. أما دودة خلاء الجريف فقد زعم لنفسه معرفة غيب الله الذي في الصدور، وعبر بربوبيته المزعومة برزخ هذه الحياة الدنيا إلى حيث يوم النشور يرسل فريقا إلى النار وفريقا إلى جنة في خباله. يقول الرسول الكريم: "لا يدخل أحد الجنة بعمله. قيل ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا حتى يتغمدني الله رحمته.
وبين المنطوق والمكتوم من القول، ليس الذي ينطق به اللسان يطابق مكنونات القلوب. فالقول والفعل قد يكونا مجرد تمظهرات مصطنعة تخفي وتناقض ما في القلب مثلما يفعل المنافقون. ومع ذلك فإن المنطوق من الشهادة يشكل حرزا وعاصما منيعا لكل من نطق بها حتى لو ملأ النفاق جنبات قلبه. فالمنافقون في يثرب كانوا اشد خطرا من المشركين لأن المنافقين كانوا يعيشون بين المؤمنين داخل يثرب. "إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ" سورة المنافقون. "وَإِذَا جَاؤُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَقَد دَّخَلُواْ بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُواْ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ" المائدة، الآية 61. وبالفعل، فقد لعب المنافقون دور الطابور الخامس الخطير عندما ظاهروا المشركين الذين تسوروا المدينة في غزوة الأحزاب أو الخندق. وبرغم ذلك أبقاهم الرسول الكريم في المدينة ولم يكفرهم ولم يضرب أعناقهم أو يعاقبهم بسبب نفاقهم الذي في قلوبهم. "وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ" التوبة. "يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ" المائدة، الآية 41. "يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ" التوبة، الآية 64. وقد ورد ذكر المنافقين في 24 آية من الآيات القرآنية الكريمة ونزلت فيهم سورة كاملة هي "المنافقون" صحابي واحد كان يعرف منافقي المدينة ولا يعرفهم غيره من باقي الصحابة الأجلاء وبقي محتفظا بسرهم والرسول الكريم يعلم ذلك. وجاء في الحديث والسيرة أن ابن عبد الله بن أُبيْ قد طلب من الرسول الكريم أن يأذن له في ضرب عنق أبيه الذي كان من غلاة المنافقين بل وشيخهم الذي قال بحديث إفك، فأجابه الرسول الكريم: كلا حتى لا تتحدث العرب بأن محمداً يقتل أصحابه. هذه العبارة القصيرة هي بمثابة كتاب ومناهج كامل في كيفية إدارة الأزمة والتطلع نحو "قبول" المجتمعات للرسالة والدولة في المستقبل لا فرضها بالقمع والبطش والتعذيب والتشفي والتكفير. فإذا كان الله يعلم ما حصّل في صدور المنافقين والرسول الكريم بعلم بنفاقهم لا وخطرهم، ومع ذلك حفظ سر نفاقهم، فما أتعس الإسلام اليوم بدودة خلاء جريف السودان التي تزحف بين الناس بادعائه معرفة التقوى والإيمان في صدور البشر، يثير الفتنة والحرب ويدعم قمع المجتمعات السودانية ويكون خلايا إرهاب المجتمعات السودانية، وهي خلايا لابد أن تتمدد إلى خارج السودان إذا ما تركت تربو.
التقوى ها هنا .. التقوى ها هنا .. والرسول الكريم يشير إلى صدره الكريم .. والرسول الكريم يغضب لله ويعاتب ذلك الصحابي الجليل عتابا مرّا لأن الصحابي قتل رجلا بعد أن نطق الرجل بالشهادة. فقال الصحابي يدافع عن فعلته أن الرجل نطق بالشهادة خوفا من القتل. فيقول له الرسول الكريم: أشققت عن صدره؟ وسؤال الرسول الكريم يعني هل شققت عن صدر الرجل لترى أنه نطق الشهادة عن خوف من القتل أم عن إيمان؟ والسؤال يتضمن القول الحاسم باستحالة أن يعرف الإنسان حقيقة إيمان أو عدم إيمان إنسان آخر، فذلك علمه عند الله وحده علام الغيوب. وذلك ما عجز الصحابي الجليل عن تفسيره والإجابة عليه حتى ضاقت عليه نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت. وبين المنطوق وبين ما وقر في القلب يجوّز الرسول الكريم لبلال رضي الله عنه أن يقول عليه بلال بلسانه ما ينكره قلب بلال المؤمن إن كان ذلك يخفف عنه التعذيب. وفي ذلك المعنى يجيء محكم التنزيل "مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" النحل الآية 106.
التقوى ها هنا والأيمان ها هنا في القلب الذي لا يدري مكنونه إلا الله وحده العليم بذات الصدور. "إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" الزمر، الآية 7. عبارة "عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" وردت في القرآن الكريم في اثني عشرة موقعا في سور: آل عمران مرتان، المائدة، الأنفال، هود، لقمان، فاطر، الزمر، الشورى، الحديد، التغابن، الملك. وهو علم اختص الله به نفسه حسب ما ورد في عشرات الآيات القرآنية الكريمة. ولعلنا ندرك جانبا طفيفا من مهابة اختصاص المولى عز وجل لنفسه بغيب الصدور عندما نتخيل أن زيدا من الناس أصبح يرى ما في قلوب البشر. فإذا نظر زيد هذا إلى قلب عمرو من الناس فإنه يشاهد فقط الموجود في قلب عمرو في تلك اللحظة لا قبل تلك اللحظة ولا بعدها. ومن حيث أن قلب الإنسان دائم التقلب، أحيانا من النقيض إلى النقيض، فإن أي حكم أو تصرف يصدر عن زيد بموجب ما رآه في قلب عمرو يكون حكما خاطئا وتصرفا طائشا لأنه لن يتوافق مع ما سوف يكون عليه قلب عمرو بعد هنيهة. فإن كان زيدا قد رأي كفرا في قلب عمرو فقد ينقلب إلى إيمان، وإن رأى في قلبه غضبا فقد يتحول إلى رضا. ولعلني أزعم أن هذه واحدة من الأسباب التي تجعلنا نحمد الله أن حجب عن البشر غيب الصدور حتى لا يتصرف الخلق من آنية المعرفة المتبدلة. وقد جاء في الحديث الشريف أن الرجل يعمل عمل أهل الجنة حتى مل يبقى بينه وبينها إلا ذراع فيعمل عمل أهل النار فيدخل النار .. فأين علم البشر من هذا الذراع؟
فالغيب كله لا يعلمه إلا الله "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ" الأنعام، آية 59. " عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا * لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا" سورة الجن. والغيب ثلاث. غيب الماضي باعتبار ما كان، وغيب الحاضر بما هو كائن، وغيب المستقبل باعتبار ما سوف يكون. ففي غيب الماضي يقول الحق: " ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ" أل عمران، الآية 44. ثم غيب الحاضر باعتبار ما هو كائن في القلوب: " إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" سورة التوبة. ثم غيب المستقبل: " قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" الأعراف، آية 188. وفي غيب المستقبل ما كشفه الله للرسول والمؤمنين عن المنافقين: "سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ" سورة التوبة.
أما دودة خلاء جريف السودان فإنه يدعي معرفة غيب الماضي في مرجعية الدين والنصوص حيث يزعم أنه يملك وحده نواصي تفسيرها بدليل أنه بلغ مبلغ تكفير الخلق، ويدعي قراءة غيب الحاضر المكنون في صدور العباد من كفر وإيمان، ويدعي الإطلاع على غيب المستقبل ليس في هذه الدنيا فحسب، بل غيب الآخرة بتقسيمه الناس بين كافر ومؤمن وتوزيعهم بين جنة ونار في هلوسته.

لقد حدد الله سبحانه وتعالى مهمة الرسل في التبليغ. ونستهدي بعدد يسير من الآيات التي وردت في ذلك في محكم التنزيل "مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ" المائدة الآية 99. "فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ" آل عمرن. "وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ" المائدة. "مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ" المائدة. "وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ" الرعد. "وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ" النحل. وكذلك النص والمعنى المراد في سور العنكبوت والنور ويس والشورى والتغابن.
ثم إن اقتصار دور الرسل الكرام على التبليغ مرتبط بحرية الإنسان في أن يؤمن. ذلك أن الحرية هي ما ميز الله به الإنسان وكرمه بها دون سائر المخلوقات والكائنات الأخرى التي نعرفها. لذلك فإن الإنسان مسؤول فردا عن اختياره وعمله. وقد قلت في سياق سابق أن الحرية التي كرم الله بها الإنسان هي إعجاز لا يقدر عليه مخلوق. فكل آلة أو جهاز صنعه الإنسان مهما كان متطورا يظل يرتبط في حركته بالإنسان. وصونا لهذه الحرية الإلهية يجيء قول المولى عز وجل في عديد الآيات القرآنية الكريمة: "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" البقرة، الآية 256. "وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ" يونس، الآية 99. " لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ" الغاشية. "وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا" الكهف، الآية 29. " لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاء وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ" البقرة الآية 272. " وَلَوْ شَاء اللَّهُ مَا أَشْرَكُواْ وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ" الأنعام. "وَإِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَن تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاء فَتَأْتِيَهُم بِآيَةٍ وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ" الأنعام 35. " إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا" المزمل الآية 19. كما وردت نفس الآية في سورة الإنسان الآية 29.
تلك هي المحددات الإلهية التي أبانها الله بدقة ووضوح في الآيات القرآنية الكريمة التي تشرح اقتصار دور الأنبياء والرسل على التبليغ. كما تجيء الآيات الكريمة ضامنا لحرية الإنسان في علاقته بربه طالما أن الله سبحانه قد أودع هذه العلاقة في مكان عزيز اختص الله به نفسه هو قلب المرء. فالتكفير بهتان في مكان عزيز اختص الله به نفسه هو قلب المرء. وغني عن القول أن تكفير الناس الذي أفرزه دودة خلاء الجريف تجاوز لكل هذه للمحددات الربانية التي لا يتجاوزها الرسل والأنبياء الكرام إلا بوحي من الله. وفي التكفير بهتان لأناس ينطقون بالشهادة، وفي التكفير قذف للمحصنات المنهي عنه حتى على غير المسلمات ناهيك عن حرائر ذوات شرف.
والتبليغ حسب الأوامر الإلهية لا يكون بفاحش القول وغليظه أو بالإكراه أو بجماعات الإرهاب الاجتماعي، لكنه مشروط من عند الله بالحكمة وبالموعظة الحسنة وبلطيف التعامل الإنساني الذي غرسه الله في نفوس الأنبياء حتى لا ينفض الناس عن دعوة التوحيد. فمن ظن أن الإسلام دين عنف وغلظة فهو مخطئ " فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" آل عمران. فأين تلك الموعظة الحسنة من دودة خلاء الجريف وقوله الفظ بتكفير الناس ورمي المحصنات وإثاة الحرب والكراهية؟ فلا فظاظة في الخطاب وفاحش في القول يفوق تكفير الناس ورميهم بالزنا. لقد جاء دودة خلاء الجريف شَيْئًا إِدًّا يكاد ينطبق عليه قول المولى عز وجل في سورة القلم "هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ" .. فلعل دودة خلاء السودان يرجع إلى أهله ليسأل عما سأل عنه ذلك الرجل الذي نزلت فيه الآيات الكريمة.
ومن ظن أن الإسلام انتشر بحد السيف فهو مخطئ، فالحرب المشروعة كانت لرد العدوان سواء كان عدوانا مباشرا أو كرد للعدوان في مهده من الوجهة العسكرية المحضة. فلم يأذن الله للمسلمين بالقتال إلا بعد أن ظلموا وأُخرجوا من ديارهم، وهذا ما يطلق عليه في المواثيق الوضعية حق الدفاع عن النفس والمال والعرض "أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ" الحج. "وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ * الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" البقرة. ولو أن جبابرة وقياصرة الأرض قد خلوا بين الرسول الكريم وبين الناس لكي يدعوهم للتوحيد لما كانت الحرب. لكن طغاة العصور دائما ما يطلبون الحرب ويبادرون بالعدوان ويلجأون للإرهاب مخافة على عروشهم وضمان سطوتهم على الشعوب في هذه الفانية. وبرغم بعض التجاوزات البشرية، فقد مضت القرون وانحسرت الجيوش، لكن بقي الإيمان في القلوب وفي ذلك البرهان أنها لم تكن حروب استعمار أو استعباد.
ومرة تلو الأخرى نجد دودة خلاء الجريف يتجاوز كل أوامر الإسلام ونواهيه ويتخذ من الإسلام مطية ليؤذن بين الناس بالحرب والعدوان، يؤسس الخلايا الإرهابية، وينعق بالهوس والبغضاء والفتنة والوقيعة بين المجتمعات من داخل شرنقة قصره المنيف المشيد في فلوات الجريف بأموال ارتضى اغترافها.
الآيات القرآنية الكريمة التي ورد ذكرها كافية وزيادة لتبديد هالة الربوبية الكذوب التي حاول دودة خلاء الجريف أن يعقدها حول نفسه ليحكم سيطرته على عقول غير ناضجة بعد .. إلا إذا خرج علينا المذكور وقرر نسخ الآيات القرآنية! فمن ترتفع به أبخرة الوهم الذاتي إلى مقام الربوبية، لا يستبعد أن تسول له نفسه نسخ الآيات القرآنية! وقد تعمدت أن أحاكم دودة خلاء الجريف على محك القرآن الكريم وبعض السنة النبوية، واستبعدت كثيرا من القياس والأثر والتفاسير لأنه لا يوجد وراء كتاب الله ما يمكن الاحتكام إليه.
خطر وراء أكمة التكفير:
وهنا يطرح السؤال نفسه: إذا كانت حقيقة الدين على هذا الوضوح لمن يتدبّر كتاب الله، فلماذا إذن حملات التكفير وادعاء الربوبية نهارا جهارا في بلد تزعم حكومته نهجا إسلاميا؟ لماذا السكوت عن رمي المحصنات والأبناء بأنهم أبناء زنا فلا يحرك ذلك فيها قشعريرة من حياء لله؟
وراء ذلك خطر عظيم سوف نعمل على تعريته في الجزء الثاني بمشيئة الله.
سالم أحمد سالم
باريس
24 رمضان، 14 سبتمبر 2009

الأحد، 13 سبتمبر 2009

المحكمة المهزلة .. وعار الأبد !!



I
المحكمة المهزلة .. وعار الأبد !!

د.عمر القراي

نزعته الرقابة من صحيفة أجراس الحرية


في صبيحة يوم الاثنين 7/9/2009م الموافق 17 رمضان 1420ه ، عقدت الجلسة الختامية، لمحاكمة الصحفية الشجاعة لبنى احمد حسين .. ولقد احيط مبنى المحكمة باعداد كبيرة من رجال الشرطة، منعوا كثير من المواطنين، بخاصة النساء، من الدخول، فتجمعن خارج مبنى المحكمة.. داخل المحكمة، في الطابق الثاني، حيث تقع القاعة التي جرت فيها المحاكمة، قفلت الشرطة الممر الموصل للقاعة، بمقاعد، جلست عليها مجموعة منهم، حتى يمنعوا الرجال والنساء الذين استطاعوا الدخول للمحكمة، من دخول القاعة، بحجة ان القاعة صغيرة، ولا تحتمل اعداد كبيرة من الناس، وكأن اختيار القاعة، لم يكن قراراً مقصوداً، بغرض التقليل من شأن الحدث.
وفي داخل قاعة المحكمة، قدمت قضية الإتهام، التي اعتمدت على شهادة رجال شرطة النظام العام، الذين قالوا انهم اعتقلوا لبنى، لأن الزي الذي كانت تلبسه يعتبر فاضحاً ( وهو الزي الذي جاءت به لبنى للمحاكمة ولا يستطيع اي شخص محايد ان يعتبره فاضحاً ) .. وكان من المفترض ان يتم الإستماع لقضية الدفاع، قبل النطق بالحكم .. ولما كان قضية الإتهام واضحة الوهن والبطلان، فقد طلبت هيئة الدفاع شطب البلاغ، بحجة ان دعوى الإتهام لا ترقى لتشكيل قضية .. خاصة، وان المتهمة تلبس زياً، يتفق الجميع، عدا شهود الاتهام، بانه غير فاضح .. وانها ظلت تلبسه، منذ يوم ان تم القبض عليها، ولم يتعرض لها أي شخص بالقول بان لبسها فاضح . قبل القاضي من حيث المبدأ التماس هيئة الدفاع، ورفع الجلسة لمدة ساعة للنظر فيه، وكان امامه حسب الإجراءات خياران: إما ان يقبله، ويشطب البلاغ، ويخلي سبيل المتهمة، أو يرفضه ويسير في الإجراءات، ويستمع الى قضية الدفاع، فماذا فعل ؟! بدأ بفزلكة تاريخية عن المادة 152 من قانون العقوبات، وكيف انها كانت موجودة في قانون 1974م، وهي موجودة في قوانين بلاد ذكر منها نجيريا وقطر ومصر والعراق والصومال والهند واليمن وغيرها، ثم سأل : هل الزي الذي كانت تلبسه المتهمة ساعة القبض عليها كان فاضحاً ؟ وللاجابة على ذلك، رجع لكلمة فاضح في القامومس اللغوي، ثم من حيث المصطلح، وقال انه يعتمد على الشريعة الإسلامية، باعتبارها دين المتهمة .. وذكر تعريفات للفقهاء، تفيد بان اي زي يمكن من رؤية جسد المرأة، ما عدا وجهها وكفيها، يعتبر فاضحاً .. وحتى يدعم رأيه هذا، فتح المصحف وقرأ الآية 30 والآية 31 من سورة النور، وكلاهما لا يدعمان حجته . ويلاحظ ان القاضي كان يبدو عليه الإضطراب، والتردد، وكان يقرأ بصوت خفيض، وبتعثر، وصعوبة، وكأن الحيثيات التي يقرأها لم يكتبها بنفسه .. أما الآية 30، فهي قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ان الله خبير بما يصنعون ). وهذه كما واضح ضده وليست معه .. فهي تأمر الرجال، مثل اعضاء شرطة النظام العام، بغض البصر، ولو اعطاوا الأمر الإلهي، لما قبضوا على النساء وعاقبوا في عام 2008م، في العاصمة القومية وحدها 43 الف إمرأة بهذه المادة !! ثم قرأ الآية 31 التي تقرأ ( وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو ابنائهن أو ابناء بعولتهن أو اخوانهن أو بني اخوانهن و بني اخواتهن أو نسائهن أو ماملكت ايمانهن أو التابعين غير اولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء وتوبوا الى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) وهذه ايضا، لا تنطبق على لبنى، لأن ( الخمار) هو الطرحة، و( الجيب ) هو فتحة الفستان .. ولقد كانت طرحة لبنى، تغطي نحرها، و (جيب) فستانها، فهي بحسب الآية، التي قرأها القاضي – بصعوبة- لا تعتبر متبرجة .. فالآية لم تذكر البنطلون، الذي هو السبب المضمر، لدى رجال الشرطة، حين اعتقلوها. ومظهر لبنى لم يكن مؤذياً للشعور العام، كما جاء في نص المادة، وهو أفضل من زي ضابطات الشرطة، وموظفات الاسواق الحرة، وانما آذى الشعور العام القبض عليها، والذي كان مثار احتجاج الحاضرين .. ولكن هذا القاضي العجيب، الذي تشعر من ارتباكه العام، وضعفه، انه موجه ليحكم حكماً هو نفسه غير مقتنع به، بعد أن قرأ الآيتين، قرر ان زي لبنى زي فاضح حسب الآية !! ثم سأل سؤالاً آخراً هو : هل كانت ترتدي زيها الفاضح هذا في مكان عام ؟! واجاب بنعم !! هذا مع ان في القاعة، وامامه، كان هنالك عدد من النساء، المتضامنات مع لبنى، يلبسن ازياء تشبه زيها تماماً !! ولقد فهم رئيس هيئة الدفاع مما قرأ القاضي، انه رفض طلبهم بشطب البلاغ، فوقف وطلب الإذن لبداية قضية الدفاع، ودعوة شهودهم، ولكن لدهشة الحاضرين، رفض القاضي ذلك، بحجة ان هذه محكمة ايجازية ، واصدر حكمه بالغرامة 500 جنيه، أو السجن لمدة شهر!! فصرخت لبنى في وجهه : ارفض ان ادفع أي غرامة !! فاحتجزت للسجن، واخليت القاعة بالقوة بواسطة رجال الشرطة . وهكذا صعدت لبنى قضيتها مرة اخرى، بثبات، ووضوح رؤية، ولحقت بركب من كملن قبلها من النساء .
أما خارج المحكمة، فقد تجمع عدد من النساء، وحاولت شرطة الشغب المسلحة بالعصي والهراوات، ان تفض جمعهن دون جدوى .. ومن الناحية الأخرى، تجمع أيفاع من شباب المؤتمر الوطني، وبدأوا في شتم النساء، وهن في اعمار امهاتهم، بالفاظ نابية، لا تصدر من نفوس صحيحة، وعقول سليمة .. ولم يستجب لهم النساء، الا بعبارات تذكرهم بانهن مثل امهاتهم، او جداتهم .. ثم بدأت قوات الشغب، تستعمل العنف في دفع النساء بقوة، وبدأت بعضهن بالمقاومة مثل المرأة الباسلة الاستاذة أميرة عثمان، التي دفعت عنها الشرطي حتى سقط ارضاً، وألقت بآخرأيضاً، فتجمع عليها خمسة منهم، واوسعوها ضرباً بالعصي، وركلاً بالأحذية العسكرية الغليظة في رأسها .. وفي هذه الأثناء، وامام هذا العمل الذي يندى له جبين الأحرار، كان الأغرار من شبان الحركة الاسلامية يهتفون : الله اكبر .. الله أكبر !! هذا السلوك الشائن المسخ هو جهاد الاسلاميين، المستأسدين على النساء العزل، في ذكرى غزوة بدر الكبرى !! ثم هو هدية المؤتمر الوطني، للشعب السوداني، قبيل الانتخابات، التي زعم انها ستحقق التحول الديمقراطي !!
وبعد ان حملت أميرة، الى قسم جراحة المخ والأعصاب بالمستشفى، وصعد النساء الهتافات، قررت الشرطة اعتقالهن جميعاً .. فتم القبض عليهن، وحملن في عربة كبيرة، واحتجزن بالقسم الشمالي .. في ذلك النهار، الذي ارتفعت حرارته عن 45 درجة، ومع الصيام، والوقوف لساعات تحت الشمس، اراد الشرطي ان يدخل حوالي 47 إمرأة في زنزانة مترين في مترين !! فرفضن ذلك باصرار ادهش الشرطي، حتى جاء ضابط، واوجد لهم مكاناً واسعاً .. ولقد هرع عدد من المحامون الشباب من الجنسين، للنيابة لمتابعة ما يجري على المعتقلات، اللاتي كن طوال الطريق يهتفن ضد الحكومة، وضد الاسلاميين.. وفي داخل المعتقل، اخذن ينشدن الاناشيد الوطنية وقصائد محجوب شريف .. ابلغت الشرطة المعتقلات، بان عفواً قد صدر عنهن، من السيد على عثمان محمد طه، نائب رئيس الجمهورية، فرفضن هذا العفو، وفضلن السجن على حرية يمنحها مغتصبها من اجل التضليل والكسب السياسي الرخيص. ولم يغادرن المعتقل، الا بعد ان فتحت ضدهن بلاغات بتهمة التجمع غير المشروع، واطلق سراحهن بالضمان الشخصي . فهل رأى الناس مثل هذا الهوان ؟! تجمع نساء تضامناً مع قضية احداهن، في مظهر حضاري، يتسم بالصمت والوقار، يعتبر تجمع غير مشروع، فما هو التجمع المشروع، في رأي هذه الحكومة ؟! ولماذ لم يعتبر تجمع الأيفاع، الذين جاءوا للاعتداء، وبادروا بالشتائم والسباب النابئ ، تجمع غير مشروع ؟! ولم يذهب النساء بعد اطلاق سراحن الى البيوت، كما كانت تريد السلطة، وانما عقدوا مؤتمراً صحفياً في اجراس الحرية ، تحدث فيه عدد منهن، واكدن على مواصلة الكفاح، حتى يلغى هذا القانون الجائر، الذي يعتمد الشبهات، والتجسس، ويطارد بائعات الشاي والاطعمة، ولا يطال المفسدين الحقيقين . وتحدث في ذلك اللقاء احد ممثلي جمعيات حقوق الانسان المصرية، فقد جاء منهم رجلان وإمراة حضروا المحكمة، وزاروا النساء في المعتقل، وابدوا اسفهم، واستغرابهم من حالة تردي حقوق الانسان في السودان .. وكان ما ادهشهم حقاً، مستوى القضاء، ومعاملة الشرطة للمواطنين .
لقد ساق الله حوادث قضية لبنى، لتنبه الاحزاب السياسية، التي ستجتمع بعد ايام في جوبا، والتي لن تجتمع هناك، لتفهم ان المؤتمر الوطني ضد الحريات، ولا يحتمل أي معارضة، حتى لو جاءت من مجموعة قليلة من النساء .. ولديه تنظيم من المتطرفين، الذين يقومون له بالتكفير، والتحريض، وتعبئة المساجد.. والغوغاء الذين يقومون له بالتحرش بأي معارضة، أو اي رأي حر، وهو يعتمد على هذه القوى الشعبية، اكثر مما يعتمد على الشرطة، في الاعتداء على خصومه .. وفي حالة الانتخابات، فإن خصومه، هم كل من لا يصوت له. لماذا تريد احزابنا ان تنزل في منافسة انتخابات، تحت ظل قوانين مثل قانون النظام العام، وقانون الأمن، وقانون الصحافة، وقانون الانتخابات، وكلها قوانين وضعت لتستغل، لقهر كل من يعترض على المؤتمر الوطني أو يعارضه ؟!
أليس الأكرم لاحزابنا، وهي تعلم انها لن تفوز امام حزب ينافسها بامكانات دولة، ولا يتورع عن ان يفعل أي شئ في سبيل الفوز، ان تقاطع الانتخابات، وتنشط في توضيح ان سبب المقاطعة هو انها لن تقبل بان تخوض انتخابات، تحت ظل قوانين مقيدة للحريات، تجعل الحكومة تضرب النساء في الشارع، وتسلط عليهن الغوغاء، لا لشئ الا لتضامنهن مع إمراة اتهمت بالزي الفاضح كذبا وبهتاناً ؟! إن أقل ما تفعله احزابنا، لتكون قريبة من لبنى، ومن اللاتي وقفن معها من النساء، ان ترفض التعامل مع المؤتمر الوطني، حتى يتبرأ مما فعل بهؤلاء النساء الحرائر، بأن يلغي القانون الذي ساق لقهرهن .
د. عمر القراي

السبت، 12 سبتمبر 2009

إشمعنى سعادك ؟ ... (منع من النشر)



إشمعنى سعادك ؟ ... (منع من النشر)

الفاتح جبرا


بصراحة، لم نعد بحاجة إلى الكتابة وتنوير المسئولين عن مكامن السلبيات املا فى إصلاح الحال إذ من الواضح أن لا حياة لمن تنادى وأن القافلة تسير دون أن تلتفت إلى (نباحنا) المتكرر لتلافى أوجه النقص والقصور ، نعم .. يلزمنا سلم طويل إلى السماء؛ لعل الله يقبل دعاء هذا الشعب المحتار ويفك أسره ويقيه شر الفتن والكوارث وتصريحات المسؤولين التى أصبحت (تحرق الدم) وتصيب المواطن (بالغبينة)
سيل من البلايا والرزايا والكوارث والمحن عاشها المواطن ولا يزال فقدت فيها الكثير من الأسر أرواحها وممتلكاتها ولم نر فى كل هذه المآسى من يستقيل أو يعتذر، ولم نجد من يحاسب أو يقيل ، أصبحت القصة بالنسبة للمسئولين حاجه (عادية) حتى (أخد المواطن) على كده ! وأعتقد بأن مساءلة المسئولين عما يرتكبوه من أخطاء هو نوع من (السفالة) وقلة الحياء !
هل أتاكم أعزائى القراء حديث السيد حسن عبد اللّه فضل المولى وزير البنى التحتية بالولاية في التقرير الذى قَدّمَه أمام مجلس تشريعي الولاية (المنكوبة) وذلك عن آثار السيول والفيضانات التي شهدتها الولاية أخيراً؟ إنه تقرير (تحفة) بكل المقاييس مكانه اللائق أن ينضم إلى (عجائب الدنيا السبع) أو أن تبعث منه نسخة إلى دار الوثائق المركزية ليتم الإحتفاظ بها حتى يتعرف أحفادنا فى مستقبل الأيام على (فن الزوغان) و(التنصل من المسئولية) و(عدم الإعتراف بالتقصير) الذى يمارسه وزراء هذا الزمان الغابر ، لمن فاتهم الإستماع نقول لقد حمل الوزير (الدولة) – يعنى ما وزارتو- مسؤولية الإخفاقات التي حدثت في خريف العَام الحَالي بالولاية وذلك (والكلام ليهو) لعدم تعاملها بمسؤولية مع آثار السيول والأمطار التي اجتاحت الولاية أخيراً ! وهكذا وبهذه البساطة نجد أن الرجل قد (أخرج نفسه) من المسألة (ذى الشعرة من العجين) وألقى اللوم والمسئولية على جسم هلامى (هو جزء منه) لا يعرف له المواطن (مكاناً) أو (عنواناً) يسمى (الدولة) ! وعلى كده يكون العزاء قد إنتهى بمراسم الدفن وعلى المتضررين الذين فقدو أرواحهم وممتلكاتهم وفلزات أكبادهم اللجوء إلى (الدولة) بعد التأكد من (عنوانها) ومكان (إقامتها) !
ولم يكتف السيد الوزير بذلك بل أشار (سيادته) لعدم كفاءة المهندسين الذين تمّ (اختيارهم) لرصف الطرق والشوارع ! وقال: تم اختيار (240) مهندساً لهذا الغرض، إلاّ أنّ الأكفاء منهم لا يتعدون الـ (25) يعنى الأكفاء فيهم 10% (أيه الهنا ده كلو؟) ! وحتى لا تسأل – عزيزى المواطن (الغبيان) سؤالك (البايخ) العاوز تسألو ده أقول ليك طبعن الذى قام بإختيار هؤلاء المهندسين (المضروبين) ... هى (أكيد الدولة) وأن السيد الوزير لا علاقه له بهذا الأمر لا من بعيد أو من قريب !!
ولم يكتف السيد الوزير بذلك بل أَكّدَ بأنّ منْ أهم أسباب عدم تمكن وزارته من السيطرة على سيول وفيضانات خريف هذا العام وجود نسبة (50%) من أراضي الولاية غير مُخططة ، مما أعاق عمليّة تصريف (مياهها) خلال الأمطار الأخيرة، (طيب والـ50% التانية ذى ناس السوق العربى ونفق عفراء والموقف الجديد والأحياء المخططة الما عشوائية) – وكمان هاكم دى : وانتقد الوزير إنشاء الدولة للعديد من الطرق العشوائية بالولاية دون إجراء أيّة دراسات مُسبقة مما تسبّب ذلك في مفاقمة حجم كوارث الأمطار بالولاية ( الظاهر وزارة البنى التحتية ما عندها علاقة بالطرق الفوقانية) !!وشوفو معاى دى : وقد راهن السيد الوزير على استمرارية كوارث الأمطار بالولاية في ما تبقى من الخريف الحالي في ظل الغياب التام من قِبل الدولة وعدم اهتمامها بالأمر (الله يطمئن سعادتك) !!! (وشوفو كمان دى) : ووَصَفَ الوزير جهاز الدولة بالكسيح، وقال إنّه غير فعّال خاصةً في التعامل مع ظهور الأزمات .


ما يستفاد من (حديث) الوزير :
- الدولة لا تتمتع بقدر من المسئولية
- يجب أن تتم مساءلة الدولة وليست الوزارة (دى حاجه ودى حاجه) !
- وزارة البنى (التحتية) ما عندها علاقة بالطرق (الفوقانية) التى أنشأتها (الدولة) بصورة عشوائية بالولاية دون إجراء أيّة دراسات مُسبقة مما أدى لهذه الكوارث
- المهندسون المناط بهم العمل 10% منهم مهندسين والباقى (فاقد تربوى)
- وسط الخرطوم ذى السوق العربى ونفق عفراء ومطار الخرطوم و(مستنقعات) الطائف والمعمورة والمنشية وقاردن سيتى هى توجد فى مناطق عشوائية
- هنالك غياب من الدولة وعدم إهتمام بهذا الأمر
- جهاز الدولة كسيح (عديل كده) وغير فعال فى التعامل عند ظهور الأزمات
- المسألة دى مفيش أمل إنها تتحلا
- أن السيد الوزير يراهن على استمرارية كوارث الأمطار بالولاية في ما تبقى من الخريف الحالي
- (والأهم من ده كلو) إنو الوزير (رغم رهانو ده) قاعد فى محلو (لتصريف) مهام وزارته !!
كسرة :
ياخى أقعد فى (بكانك) مافى مشكلة ما كووولهم قاعدين إشمعنى (سعادتك) يعنى !