الخميس، 2 يوليو 2009

إذا اختلف الشريكان


أفق بعيد
إذا اختلف الشريكان
فيصل محمد صالح
ممنوع من النشر بأمر الرقيب الأمني
تبادل الشريكان الاتهام حول مسؤولية إعداد مسودة قانون الصحافة الجديد، وفي ذلك خير عملا بقاعدة "إذا اختلف.....الخ" المعروفة. ومن دلائل الخير أن هذا الاختلاف وتبادل المسؤولية عن إعداد القانون يدل على أن في الأمر ما يستحق الإنكار، ولو كانت المسودة جيدة ومشرفة لتسابق الشريكان كعادتهما، للانفراد بنسب الفضل لأحدهما في ذلك. وإذا كنا قد كسبنا اعتراف الشريكين بأن القانون، كله أو بعضه، معيب، بدليل تبادل اتهامات المسؤولية، فهذه خطوة جبارة في ماراثون طويل لصياغة قانون صحافة ديمقراطي يناسب المرحلة المقبلة. والطبيعي أن يجلس الشريكان مع الأطراف ذات الصلة بقضية الصحافة والحريات العامة والتحول الديمقراطي لإجراء التعديلات اللازمة على مسودة القانون حتى يصبح قانونا مشرفا لاينكره معدوه قبل صياح الديك، على قول السيد المسيح عليه السلام.
ورغم أننا لسنا مهتمين الآن بمن أعد المسودة، إلا أن سباق الإنكار هذا لم يكن له مايبرره. المعروف أن هناك لجنة سياسية عليا مشتركة بين الشريكين يرأسها نائب الرئيس علي عثمان محمد طه من المؤتمر الوطني، ورياك مشار من قبل الحركة الشعبية، تناقش كل أمور الدولة وقوانينها وتتفق عليها قبل الدفع بها للبرلمان. وتتفرع منها لجنة فرعية مهمتها إعداد ومناقشة مسودات القوانين يرأسها احمد هارون من المؤتمر الوطني ومايكل مكوي وزير الشؤون القانونية بحكومة الجنوب عن الحركة الشعبية.
وقد أعدت اللجنة القانونية المشتركة مسودة القانون ووافقت عليه، ودفعته للجنة السياسية العليا فوافقت عليه، ثم دفعت به لمجلس الوزراء الذي وافق عليه في مرحلتين، القطاع السياسي أولا، ثم الجلسة العامة لمجلس الوزراء، وتم بعد ذلك إحالته للبرلمان.
قد يكون أي من الطرفين، الحركة أو المؤتمر، ققد دفع بالمسودة الأولى، لكن بعد مرورها بكل هذه المراحل، وتوقيع أحمد هارون ومايكل مكوي عليها، هل يمكن لطرف أن يقول انه لم يرها أو يناقشها. إن للحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ممثلين بالغين عاقلين راشدين، بالمعنى القانوني والشرعي، في كل هذه المراحل، وقد وافقوا على المسودة وقرروا إحالتها للبرلمان، فهل ثمة مفر ليقول أي طرف أنها مسؤولية الطرف الآخر وحده؟ ومنذ متى كان المؤتمر الوطني يبصم على ما تجئ به الحركة، لو صح كلام محمد الحسن الأمين، إذا لم يكن ذلك يصادف هواه.
يتساوى الشريكان في المسؤولية السياسية والقانونية عن هذه المسودة، وعليهما التحلي بالصدق والشفافية في الإقرار بهذه الحقيقة. ثم عليهما أن يرجعا للحق بالقبول بمبدأ تعديل هذه المسودة لتتلاءم مع الدستور الانتقالي ومع التزامات السودان الدولية والمعاهدات والمواثيق التي وقعت عليها الحكومة وصارت جزءا من الدستور كما ينص على ذلك.
لقد عمل الصحفيون والقانونيون المهتمون بمسالة حرية التعبير والتحول الديمقراطي، من مختلف الاتجاهات، على هذه المسودة، وأوضحوا مواطن الخلل ومزالق المخالفات الدستورية والحقوقية فيه، وأوضحوا سبل تنقيته وتنظيفه عبر مقترحات محددة.
هذا أول قوانين التحول الديمقراطي، والتسمية للشريكين وليس لي، فلتحاولوا أن تجعلوه كذلك.