نحن لسنا أنتم (2) ..(نزعته الرقابة الامنية)
أمل هباني
غادرت هويدا طه السودان بدون إكمال لقاءاتها مع النخبة السودانية السياسية والثقافية والاجتماعية، وغير النخبة من عامة الناس الذين كانت ستعمل على اطلالتهم على برنامجها من السودان، غادرت لأنّ العقلية المتسلطة التي تدير هذا البلد بمزاجية وبدون منهجية أو أدنى حس وطني أوعقلاني تريد أن تجعل من (نحن).. (أنـتم) فهذه العقلية التي تصبغ كل حياتنا بصبغة (نحن) تريد أن تجعل كل العالم يرى ما يرونه هم، فالعلاقات السودانية المصرية في هذا الوقت يجب أن تخدم أجندة (نحن نراها كذلك) ويعتبر المثقفون والمفكرون والمؤثرون على الرأي العام في قبور المنع والرفض والقطع، وإلا فماذا يفيد هذه (الطغمة) أن يقول أي مثقف أو سياسي رأيه في العلاقات السودانية المصرية ولو كان سلبياً أو غير مرضِ (للجماعة) ولو فعل أي مثقف ذلك لأصيب بالدوار من كثرة (الكر والفر) الرسمي.هذه العلاقة إذا منعت الترابي من الحديث سيجمع القنوات الفضائية في دار حزبه ويطلق حديثه عبر الأثير كما فعل بالأمس، ما الذي يضير أن يتحدث عبد العزيز الحلو أو الباقر عفيفي أو سعاد إبراهيم أحمد عن التهميش في السودان وتيار (التهميش). وحركة (المهمشين) شريكة في السلطة بنسبة 28% في كل مرافق الدولة عبر اتفاق سلام يقر (بسودان جديد) تعالج فيه كل مواطن التهميش فما الذي يجعل شركاء الحكم يمارسون (قمعاً) على شركائهم (المهمشين) أليس في ذلك (تهميش للمهمشين)، الصحافية هويدا طه لن تخسر شيئاً فهي لم تكمل عملها ليس تسيباً ولا تراخياً منها على العكس كانت في قمة الإنفعال والدينماكية وتعمل في اليوم قرابة الثماني عشرة ساعة من تصوير إلى إخراج إلى منتجة أفلام. لكن سادتي الكرام لا يفهمون كل ذلك ولا يقدرون وبمكالمة تلفونية لا تتعدى ثوانٍ يعتبرون الأمر (لاغياً) لكن يا سادتي يجب أن تفهموا جيداً أن (نحن) لسنا (أنتم) وأي محاولة لتهويد (الآخر) (للأنا) هي فاشلة قطعاً وما أنتم فيه الآن خير مثال، وهذا السودان مليئ بعقول نيرة على كافة المستويات ومحاولة اخفائها أو قمعها بهذه الطريقة هي مجرد (وهمة) كبرى كمن يتوهم بأن يغطي قرص الشمس بأصبعه. فليس عصياً في هذا الزمان بالذات أن تصور أي جهة من جهات العالم فيلماً عن المهمّشين أو العلاقات السودانية المصرية أو أي مواضيع أخرى أشد قساوة وخطورة ودون مشورة أحد.