وياسر ليس قرانفيلد(نزعته الرقابة الامنية)
أمل هباني
التطور الدراماتيكي الذي شهده المجتمع السوداني يوم أمس بمحاولة اغتيال الأستاذ ياسر عرمان نائب الأمين العام للحركة الشعبية بزرع قنابل في مكتبه، يجعل الرؤية واضحة وضوح الشمس في الاتجاه الذي سترسو عليه الأمور في هذا البلد، فصحافة رشيدة مكممة الأفواه معصومة الايدي، مقابل صحافة (قميئة) تثير العنصرية الدينية والعرقية وتدعو إلى القتل والتصفية بطريقة (قرانفيلد) المواطن الأمريكي المسكين الذي فقد حياته مع سائقه السوداني المسلم بسبب سياحة إرهابية (ليلة رأس السنة)، ووجد السياح انفسهم كما عتاة المجرمين امام صيد أجنبي فقرووا اصطياده مرضاة لله ورسوله وكأن الله ورسوله زعماء عصابة مافيا تسعدهما رائحة الدم، ويتقرب اليهما بإزهاق أرواح الخلق (التي وهبها لهم المولى علا شأنه)،
ثمّ تهلل وتكبر لبيان مأفون من هيئة مشبوهة اطلق عليها كذبا وتضليلا هيئة علماء السودان، بينما هي هيئة جهلاء السودان، لأنّ العلماء لا يبذرون الفتن ولا يشعلون نيرانها، إنّ هذه الصحافة وكتابها عديمي الفكر ضيقوا العقول بذيئو النفوس والارواح هم المسئول الأول عما حدث يوم أمس، وعما سيحدث بعد ذلك، لأن ياسر عرمان ليس قرانفيلد يتحول مقتله الى قضية قانونية تطمئن امريكا على سير اجراءاتها كما ينبغي بل هو (كوماندر) في جماعة مقاتلة وضعت السلاح جنبا لتتحول الى حركة سلمية ضمن عملية سلمية سياسية، وفي حال فشل ذلك باغتيال قادتها ستحمل ذات السلاح وترفعه في وجهه كل من صارعها صراعاً دموياً غير نزيه ولا شريف وحتى اجتماعيا وأسريا، لن يمر هذا الحدث (لو قدر الله ووقع) مرور الكرام فالدرس الأبلغ الذي خرج به هذا السودان بعد عقود من الحروب في الجنوب وسنوات في دارفور والشرق أنّه ليس هناك قبيلة(أرجل) من (قبيلة) ولا (عرق) أشجع من (عرق) آخر، ولا دين بمقدرته رفع سيفه لإزالة( رقبة) بقية الأديان.. ولا فرد بمقدرته صبغ الآخر بلونه وافكاره طريقة تفكيره فالجميع قادرون على الحرب والقتل و(الدواس) بلغة أهلنا في دارفور إذا تقاتلوا ... والجميع قادرون على التعايش معا في سلام و وئام إذا (احترموا) بعضهم البعض، وأولئك الذين يلعبون بالنار ستمسك بأطرافهم هذه النار التي لن تبقي ولن تذر إذا اشتعلت في هذا المجتمع، وأرخص شيء في عالم اليوم أن تدمر وتهدم؛ لأنّ الدمار والهدم لا يحتاج سوى ثوانٍ معدودة بينما البناء يحتاج لسنوات من التخطيط والتنظيم والعمل، لذا يمكن لأي إرهابي أن يفجر عمارة و يقتل عشرات الأنفس في غمضة عين لكن لو سألوه أن يبني ويعمر وينمي ويوعي فردا أو مجتمعا فستجد أن رصيده (صفر كبير) في كل ذلك. إن اسلوب الاغتيال والتصفية إذا اعتمد في الخرطوم فلن يطال شخصا واحد في مكتب في اركويت بل لن تسلم منه مكاتب تقع قبالة النيل.. فالأمر هين وربما أهون من خيال هؤلاء الذين يريدونها دولة لا تصلح سوى للموت... حتى يحيا فيها أمثالهم من تجار الموت.