صدى
حرية الكلام وحرية الطعام؟؟
ممنوع من النشر بامر الرقيب الأمني
حرية الكلام وحرية الطعام؟؟
ممنوع من النشر بامر الرقيب الأمني
أمال عباس
تأخذنا هذه الأيام حمى الحديث عن قانون الانتخابات وعن الصراع المتصاعد بين المؤتمرين بعد الحديث الذي أدلى به الرئيس البشير لقناة الجزيرة الفضائية والقائل بإن حركة العدل والمساواة هي الجناح العسكري للمؤتمر الوطني.
والحقيقة كل الحديث يصب في قتامة الواقع ومرارة معايشته .. فالإنقاذ وبالرغم من وجود ما يسمى بحكومة الوحدة الوطنية نجحت تماما في إحداث الربكة الكبيرة وسط الكيانات السياسية كلها وبلا إستثناء ... بينما تتصاعد أزمة متطلبات الحياة أمام المواطن السوداني وآخر حلقات هذه الأزمة موجة الغلاء التي غمرت الحياة وكتمت أشواق الناس الي لقمة هنية يتناولونها وهم سعداء ، والمتأمل في أحجام رغيف العيش وأسعاره يدرك تماما شقاء أرباب وربات الاسر.
تابعت مناقشات قانون الانتخابات وسط كل التيارات السياسية وأدرك تماما لماذا يجد كل المعاكسات .. والمعطيات في طريقه الي المجلس الوطني .. والسبب واحد وبسيط وهو الفهم للديمقراطية التي يجب أن تقود اليها الانتخابات، والديمقراطية التي في بالي ليست الليبرالية التي قال عنها السيد الصادق المهدي لا تصلح للسودان.. وهذا حديث طيب لكن هل الأحزاب جميعها بما فيها المؤتمر الوطني حدثونا عن الديمقراطية التي في خاطرهم ويريدون قانونا للانتخابات يقود إليها بسلام.
تساءلت مع نفسي هل يا ترى ناقشت الاحزاب معنى الحرية والديمقراطية اللذين تسعى إليهما ؟ بل وهل يا ترى وقفت الاحزاب وكل الذين يناقشون اهمية اجراء الانتخابات في أوقاتها المحددة وسط هذه الاجواء المأزومة علي الصعيدين .. صعيد واقع الاحزاب داخل نفسها وصعيد الحراك السياسي بأزماته الناتجة عن إنفاذ اتفاقية نيفاشا وذهاب مسألة أبيي إالى "لاهاي" وعن واقع حركات دارفور المسلحة وشكوى فصيل مناوي الموقع علي اتفاقية ابوجا .
وقبل ذلك كله وقفت علي طبيعة هذه السلطة وفهمها الاستراتيجي للحرية والديمقراطية .
مع بداية قانون التوالي أراد الاخ فيصل محمد حسين أطال الله عمره ومتعه بالعافية أن يسجل حزبا للمسحوقين أو المهمشين بالمصطلح الرائج .. ولكنه رجع حزينا وغاضبا وثائرا لأن المسجل رفض ان يسجل الحزب .. حزب المسحوقين الذين هم الغالبية العظمى من سكان السودان حسب احصائيات معهد الدراسات الاستراتيجية والتي قالت إن 96% من المواطنين يعيشون تحت حزام الفقر اللعين .
والمسجل كان صادقاً مع نفسه متصالحاً مع الواقع .. مع مفهوم اهل الإنقاذ للحرية والديمقراطية .
فالانقاذ وحسب سياساتها الاقتصادية تتبنى شعارات النظام الرأسمالي الذي يقول إن الطبقات المالكة والحاكمة تحصل علي نصيب الأسد في الثروة والطبقات الفقيرة تحصل علي الفتات في كل شيء وما عدا العمل والعرق والرهق والشقاء ، واللإنقاذ ترى أيضا ان حق التعبير للمسحوقين والفقراء والصحافيين والكتاب مجرد شكل رمزي دون أدوات حقيقية .
باختصار ، ان ناس الانقاذ يريدون قانون انتخابات يتيح للكل الحق في الصراخ والاحتجاج والكلام بشرط ألا يؤدي هذا الي صعود قوى اخرى غير قوى المؤتمر الوطني الي مقاعد الحكم .
والناس كل الناس يبحثون عن ديمقراطية تؤمن لهم حرية الكلام جنباً الى جنب جنب مع حرية الطعام والدواء والعلم فليس هناك حرية لجائع أو جاهل أو مريض.
هذا مع تحياتي وشكري
*******