الحاج وراق
مقال حجبته الرقابة الأمنية
مسارب الضي
مقال حجبته الرقابة الأمنية
مسارب الضي
مفارقات:
وأين صوت أهل السودان؟!
• في أخطر لحظة من لحظات تاريخ السودان الحديث، وأشدها تعقيداً- حيث يواجه رئيس الجمهورية الحالي الاتهام بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية- مع ما يجره مثل هذا الاتهام من احتمال مواجهة البلاد لعزلة دولية موحشة وعقوبات اقتصادية شاملة واحتمال إنزلاق البلاد بالتالي إلى حمأة الفوضى والتفتيت، إضافة إلى مخاطر هذا الاتهام على وحدة البلاد الموضوعة على المحك في استفتاء عام 2011م الوشيك! وهذا بالطبع كله إضافة إلى استمرار الكارثة الإنسانية في دارفور، بل واحتمال كارثة أخرى في الجنوب، حيث تتصاعد الحرب النفسية ضد الحركة الشعبية والجيش الشعبي، ويتنامى مناخ عدم الثقة بين طرفي نيفاشا، وتتصاعد النذر باندفاع الطرفين في الاستعدادات لاحتمال تجدد الحرب، وهذه في حال وقوعها، كما تشير كل الدلائل المتوفرة، لن تبقي في حدود الحرب السابقة، على قسوتها التي قضت على أكثر من مليوني ضحية وأهدرت موارد البلاد وخربت إنسانها وأرضها! فأي مصائر تنتظر بلادنا في حال اندلاع حرب جديدة، بين سلطتين في المركز وفي الجنوب، تصل إلى المدن وإلى حقول النفط ومنشآته؟!إذن فهذه أخطر لحظات تاريخ السودان الحديث، ولكن المفارقة المؤسية، إنه في هذه اللحظة المعقدة التي تحتاج إلى أوسع حوار وتداول وطنيين، تفرض الدوائر المتنفذة في المؤتمر الوطني الرقابة الأمنية القبلية على الصحف!!• وضمن سياق المفارقة العامة هذه، تتبدى المفارقة بشكل خاص في ملتقى (أهل السودان)، فالمفترض بمثل هذا الملتقى أن يُسمع صوت أهل السودان لأهل الحكم، ولكنه الآخر يتم في ظل فرض الرقابة الأمنية القبلية، مما يثير التساؤل: كيف يمكن التداول العام في الشأن الوطني وصوت أهل السودان تخرسه الرقابة الأمنية؟!وإذا لم يكن المؤتمر الوطني على استعداد لرفع الرقابة الأمنية عن الصحف، فهل ترى يمكن تصور إستعداده لتقديم التنازلات السياسية المطلوبة للخروج من الأزمة الشاملة في البلاد؟! أو هل يمكن تصور استعداده لإبداء حسن النية اللازم لأي حوار جدي بأفعال ملموسة، كمثل ايقاف قصف المدنيين في دارفور، أو ضمان حماية معسكرات النازحين، والأكثر أهمية، إذا لم يكن المؤتمر الوطني على استعداد لرفع الرقابة الأمنية عن الصحف، فهل يمكن تصور استعداده لنزع سلاح الجنجويد، أو قبوله بالإقليم الواحد لدارفور؟ أو استعداده لقبول تمثيل أهل دارفور في رئاسة الجمهورية؟!وإذا لم يكن المؤتمر الوطني مستعداً بعد لتقديم أي تنازل سياسي حقيقي، فهل يمكن حل أزمة دارفور؟! وهل يوجد بالتالي أي أساس لدعوة المجتمع الدولي- أعضاء مجلس الأمن الدولي- لاستخدام المادة (16) من نظام روما لإيقاف إجراءات اتهام رئيس الجمهورية؟!• وتصل المفارقات إلى حدود (مسرح العبث) بملاحظة أن المؤتمر الوطني يتحدث صباح مساء عن استعداده لمنازلة القوى المعارضة في الانتخابات الوشيكة، فأي انتخابات هذه التي تتم في ظل رقابة أمنية على الصحف؟! وأي انتخابات يمكن تصورها وطرف وأحد يملك حق إخراس آراء الآخرين؟!• هذا وقد وصلت الرقابة الأمنية في الآونة الأخيرة إلى حدود المسخرة! فبعد أن تحولت تدريجياً كل قيادات الإنقاذ إلى (ثوابت) محصنة ضد النقد، وتحول كذلك السياسات، بما في ذلك السياسات التي يرى غالب أهل الإنقاذ ضرورة مراجعتها- كمثل سياسة التعليم العالي- بعد تحولها هذه الأخرى إلى (ثوابت)! فقد امتد طوفان (التثبيت) ليصل إلى مستوى معتمد بارا! تحول هذا نفسه إلى ثابت من (ثوابت) الإنقاذ لا يجوز المساس به، ولا يحق لأحد انتقاده إلا ويكون قد تجاوز الخطوط الحمراء!! مما يثير التساؤل: إذا لم يكن متاحاً انتقاد معتمد بارا، فكيف بنافع؟! وهل من معنى، بعد هذا الحد لأي كتابة صحفية؟! بل وهل من معنى لأي ملتقيات حوار كملتقى أهل السودان؟!... دعوتي المباشرة للأحزاب المشاركة في هذا الملتقى أن تمتحن كل (الطنطنة) عن الاستعداد (الجديد) بوضع رفع الرقابة الأمنية كشرط تمهيدي لأي حوار، فإذا لم يتم فلتنفض أيايدها عن عبث العلاقات العامة