الجمعة، 26 يونيو 2009

سقوط عرمان لن يسقط القضية


سقوط عرمان لن يسقط القضية
حيدر المكاشفي
ممنوع من النشر بامر الرقيب
سواء كان السيد ياسر عرمان رئيس الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية موفقاً فى عباراته التى جرت على لسانه عند انتقاده لأحدى مواد القانون الجنائى ومطالبته باسقاطها من غير المسلمين ، أم أنه بالغ وشذّ واشتط فى تلك العبارات فاستحق عليها الصلب والشنق وفقاً للحملة التى انطلقت ضده عبر بعض الصحف ومنابر بعض المساجد ومن منبر " هيئة علماء السودان " ليست تلك هى القضية فالقضية فى جوهرها لم تكن قضية عبارات لطيفة أو سخيفة كما حاول البعض أن ينحرف بها عن أصلها ، إذ أن منتهى الارب ونهاية المقصد من حديث عرمان ذاك أياً كانت اللغة التى حملته إنما كان استثناء المال غير المسلمة من تطبيق حد الزنا الوارد فى القانون الجنائى الذى يناقشه البرلمان .
هذا هو أصل الموضوع الذى كان يمكن أن يدور حوله جدال ثر ومستفيض ومنتج فى صلب هذه القضية ولكن للأسف انحرف به البعض من المتن غلى الهوامش والحواشى ، بعضهم ربما بغير قصد وغنما حمية وعصبية ، ولكن المؤكد أن بعضهم قد اننزلق به إلى هذا المنزلق يترتيب مقصود لينالوا من عرمان خصمهم اللدود .
فلو كان هذا الحديث الذى أثار على عرمان كل هذا السخط والغضب قد جاء على لسان أى نائب جنوبى من نواب الحركة بالبرلمان لما أقام هذه الزوبعة اغراقها وطمرها حتى لو نجحت فى اغتيال عرمان سياسياً وتحطيمه معنوياً فالسؤال عن جواز أو عدم جواز استثناء غير المسلمين من أحكام الشريعة الاسلامية كلها أو بعضها سيظل قائماً ومن العبث الإجابة عليه بإثارة الهرج والمرج والثكلى على دين الله المحفوظ والذى لا يحتاج الى ثكالى يقدر حاجته إلى عقلاء مستنيرين يدعون إليه بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلون عرمان أو غيره بالمنطق والجة خاصة وان عرمان لم يعتسف مطلبه اعتسافاً وإنما قدم له بما يعتقد أنه ظروف وحجج مسقطة لحد الزنا عن هؤلاء القوم وهو فى ذلك لم يأت شيئاً إداً ، فقد سبقه يعقود شخص فى قامةومقام الغمام الصادق المهدى ليس فى المطالبة باسقاط الحدود فقط بل يشطب كل " قوانين سبتمبر1983 " الموسومة ب" قوانين" الشريعة الإسلامية " معتبراً أنها لا تساوى قيمة الحبر الذى كتبت به ، هذا بإفتراض أن الحملة على عرمان قد جاءت من منطلق أنه شمالى مسلم نثبته هنا ورغم خطل وضحالة هذا الافتراض ورغم قساوة وفظاظة الحاملين على عرمان ومنهم الاستاذ غسحق فضلالله الذى لامست حملته حواف الفتنة ، إلا أننى قد ألتمس لهم جميعاً العذر وأولهم اسحق بإعتباره شخصافردا ربما أخذته " الهاشمية" والحمية فأطلق لمشاعره وقلمه العنان ، ثم أن أسحق معروف كما قاص " يلهب الخيال أكثر من كونه " فقيهاً" يعتد بأحكامه الدينية . ولكت بيان هيئة علماء السودان كمؤسسة " كان أشد مضاضة وألماً لجهة أن المأمول منها فى مثل هذه الأحوال كان هو إدارة حوار هادئ وهادف حول القضية برمتها وليس إصدلر بيانات الشجب والإدانة فى حق شخص مهما قيل عنه وفيه فإن القضية ستظل قائمة كواحدة من التحديات التى تواجه الهيئة باعتبارها من قضايا الاصل مع العصر التى تحتاج الى رؤية نافذة وليس بيانات متعجلة .