الأربعاء، 10 يونيو 2009

يا شحادين (نزعته الرقابة الامنية)



يا شحادين (نزعته الرقابة الامنية)
أمل هباني

هل كنت شحاذا قبل مجيئ الإنقاذ؟ حسب ما درست فإنّ المواطن السوداني كان عزيزاً للدرجة التي تجعل سلم أولوياته مختلاً فالفرد في كل العالم كانت غريزة الجوع عنده قبل إحساس الكرامة وعزة النفس التي تعتبر (الشحذة) إراقة لها أي أنّ الفرد في كل العالم يمكن أن يمد يده عندما يجوع إلا في السودان، الذي كان يعتبر أن الفقر ذاته عيباً يجب أخفاؤه بكافة الوسائل، وفي العقدين الأخرين استعدلت أولويات المواطن السوداني لدرجة أنّ المواطن المسكين أصبح (يشحد) والمسؤول أيضاً (يشحد) لكن بطريقة مختلفة فالشحدة ذاتها أصبحت خشم بيوت ومهنة لها أصولها وأساليبها، في هذ المدة التي تستغرقها قرأة الفقرة أعلاه أرجو أن تكون قد توصلت الى الإجابة بلا أو نعم، لأنّ مصطفى عثمان مستشار رئيس الجمهورية قال إنّ الشعب السوداني كان (شحاداً) قبل الانقاذ لا يجد السكر ليشرب به (الشاي)وهذا الخبر على ذمة سودان. نت الأثيري، فإن كان الدكتور قد قال ذلك فهذه طامة كبرى تضاف إلى تصريحاته الهبنقية فهو الذي صرح حينما سقطت طائرة سودانير قبل سنوات من سماء بورتسودان إلى أرضها أنّ الحصار الأمريكي هو السبب لأنّ طائرات سودانير لا تجد قطع الغيار بسبب الحصار وكانت الإدانة في طلب (التبرئة) إذ كيف تجازف شركة طيران وطنية بأرواح الناس، وهي لديها مشكلة في قطع الغيار والصيانة، ثم خرج علينا يوماً ليعلن أنّهم هم السبب في وجود جيش الرب في جنوب السودان، فقد دعموه وأدخلوه إلى جنوب السودان نكاية في يوغندا التي كانت تدعم قرنق آنذاك، وهذا التصريح (كمن طبز عينه بيده)، لأنّ قرنق عاد زعيماً حاكماً إلى الخرطوم قبل وفاته بينما بقي جيش الرب (كأنّه لصق بالغراء) في أرض سودانية في جنوب السودان (هذا إن كان عثمان يعتبر جنوب السودان أرض سودانية وليست دولة جوار) وهذا التصريح الأخير فيه من اللا معقولية واللا مسئولية ما يضعف حتى الالتفاف حول الموقف الحكومي من الأحداث الجارية، فسكر التموين وحصة البنزين على شحها كانت مؤشر لاهتمام وحرص الحكومة على توزيع الموجود (بعدل ومساواة) ولا أظن أنّ الدكتور مصطفى يستطيع أن يعي قاعدة هامة في المسئولية الاجتماعية، وهي أنّ الصفوف في أي دولة هي مظهر من مظاهر (العدالة) للدولة، وهو أي الصف مظهراً حضارياً يدل على النظام والانضباط وحفظ الحقوق فالذي يأتي أولاً له حق الحصول على الخدمة أولاً وليس مبدأ القوة والتمكين الذي انهك به هذا الشعب وجوع وشرد، والسودان الآن مليئ بالمحلات التجارية الفخمة والسوبر ماركت التي تضم كل السلع الأساسية لكن كم من السودانيين يستطيع أن يشتري منها أنّها (وفرة الفرجة) حيث يتفرّج السواد الأعظم من الشعب على السلع الرفاهية التي حتى السكر أصبح ضمنها.. وأرجو أن يقيس السيد المستشار نسبة الذين يشترون من تلك المحال الى نسبة الذين يشحذون خارجها لا تفصلهم عنها سوى أمتار قليلة في ظل الخلافة الإسلامية، هناك مسئولون في هذه الحكومة صمتهم أبلغ من حديثهم فليلزموه رجاء.