الأربعاء، 10 يونيو 2009

مسألة.. نزعته الرقابة الامنية من النسخة الورقية



مسألة.. نزعته الرقابة الامنية من النسخة الورقية
د.مرتضى الغالي

الصحافة مرآة مجتمعية ومفاعل شعبي ومركز رصد لقضايا الجماهير، وهذا يقتضى ان ينظر اليها الناس بهذه الصفة.. وهي خاضعة للرد والتصحيح وللمقاضاة الطبيعية من كل متظلم.. فهي ليست منزّهة عن الخطأ، ولكن طبيعتها الخاصة تقتضى ان تراعي قوانينها هذه الخصائص من اجل النهوض بحرية التعبير..
وبهذا المعنى فإن الصحفيين و طوائف المجتمع المجتمع ينبغى ان يكونوا من بين الذين يشاركون في وضع قوانينها، ولا يجب ان تنفرد جهة او جهتين بوضع قانون الصحافة بعيداً عن العيون.. فهذا شأن عام لا يجدى معه أي اتفاق ثنائي أو رباعي.... وما رشح من المسودة التي تشق الآن طريقها للإجازة والاعتماد (يطرد البلابل من الاغصان) ويطير المنام من مقلة النعسان، ويكاد يطيح بكل الجهد الاصلاحي الذي تناولته دوائر عدة من المجتمع مساهمة في اصلاح القوانين السائدة، ولكن مسودة القانون الحالية التي ستكون (صاحبة الحظ) في الإجازة والاعتماد تعيدنا الي خانة متأخرة حتى من هذا القانون القائم الآن التي اتفقت (الهند والسند) على ضرورة تعديله حتى يواكب اطلالة الدستور الجديد واحكام اتفاقية السلام الشامل وارهاصات التحول الديموقراطي التى تلعب فيها مثل هذه القوانين الحيوية دور (رأس الرمح) ووظيفة (القاطرة) الي تجر معها عربات السياسة والاقتصاد واحلام الجماهير وشكاويهم وطموحاتهم، وتطلق في كل محطة نفير الحرية وأجراس المشاركة..!
فلا يمكن ان يرتكس القانون الجديد من جديد ليجيز التعطيل والايقاف الادارى ومصادرة ممتلكات الصحف (بل ومصادرة المطابع)..! كما لا يمكن أن يجيز القانون ايقاع العقوبات المالية الثقيلة على الصحفيين بما يمضى بها الي مافوق الخمسين مليون جنيه، في وقت يستنكف فيه المجتمع الصحفي والمدني والحقوقي ان تكون العقوبات المالية في قضايا النشر سبيلاً الي الاغتناء وتجميع الثروة أو (فش الغِل) من جرأة الصحافة، أو وسيلة لتعجيز الصحف و(شكمها) عن متابعة الاداء العام، حتى يعجز الصحفيون عن السداد وتعجز مؤسساتهم الصحفية عن القيام بواجبها تجاه تداعيات قضايا النشر.. فنعود بالقضية مرة آخرى إلي (الحبس و ظلمة السجن) في قضايا تستهدف الصالح العام ومراقبة أداء الشخص العام.. والصحفى في العالم كله يتم منحه حق تقديم أي قضية يرى انها تمس المصلحة العامة وتتصل بحق الجماهير في ان تعلم وتتابع.. ولهذا تدعو المواثيق الصحفية في كل الدنيا الي منح الصحفي مبدأ حسن النية في تناوله للقضايا العامة واستهدافه الصالح العام بالنشر.. حيث يتعذّر في كل وقت ان يكون في جراب الصحفي كل الوثائق.. ولو كانت كل الامور تتضح من أول وهلة بوثائقها، لما كانت هناك إدارة اسمها (مكافحة الثراء المشبوه) فهذه الإدارة تتعامل بالفساد الذي بقيت أثاره حتى مع غياب وثائقه.. مثل ان يكون لأفندي من الأفندية محدودي الدخل (خمس عمارات) فهل هذا يحتاج الي وثائق ما دام ان هذا الافندي ليس (حاوي هندي)..!