الأربعاء، 10 يونيو 2009

معركة الوطني .. أم الوطن ..!!حجب عن النشر بواسطة الرقابة



معركة الوطني .. أم الوطن ..!!


كتب : عثمان ميرغني


يبدو أن الغرفة الإبتدائية في المحكمة الجنائية الدولية بـ(لاهاي).. اتخذت قرارها بالموافقة على إصدار مذكرة التوقيف بحق المشير الركن عمر البشير رئيس الجمهورية.. والمتبقي من الزمن هو مجرد تدابير الإخراج.. و (تليين) ردود الفعل المتوقعة، بتمديد حالة الترقب والتوقع لإمتصاص الصدمة..وليس منتظراً من المحكمة في خانة "الفعل" أكثر من صدور المذكرة.. وتبقى المشكلة في ردود الأفعال المتوقعة ..داخلياً.. وعلى لسان الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية قال أن الإجراء لا يؤثر على وضع الرئيس إلا في الإتجاه الداعم للتعاطف الشعبي.. وتوقع أن يرفع القرار من فرص فوز البشير بدورة رئاسية قادمة.. و يرى أن حظر السفر للخارج ليس مشكلة في حق الرئاسة وضرب مثلاً بكثير من الرؤساء والملوك الذين لم يُعهد فيهم الخروج من أوطانهم إلا لماماً..لكن ليس بالضرورة أن تكون رؤية نائب الرئيس صائبة.. فالواقع أن صدور القرار يؤثر بشكل كبير على الحملة الإنتخابية للرئيس البشير.. إذ لا يمكن افتراض أن قيادة البلاد في الولاية القادمة يمكن أن تكون في وضع معزول دولياً.. فهي المرحلة التي ستشهد الإستفتاء على تقرير مصير جنوب السودان.. وهو إجراء دولي ضمنته الدول الكبرى التي كانت راعية لاتفاق السلام الشامل وعلى رأسها أمريكا وبريطانيا والنرويج وسويسرا..وإذا سلمنا برؤية نائب الرئيس في الجانب الرسمي، فإن هناك حسابات أخرى تتصل بالجانب "غير الرسمي".. في مسارين.. الأول الأحزاب بشقيها الموالي والمعارض.. هناك ما يشبه حالة الترصد.. في إنتظار معطيات ما بعد القرار ليرى كل حزب في أى اتجاه تدفعه الرياح.. وبعض الأحزاب موقفها في العلن يلعن موقفها في السر.. ففي ضميرها أن كل ما يضعف الحكومة يقويها.. و إجراءات المحكمة الجنائية بلاشك اضعاف للحكومة وحزبها المتحكم في السلطة..والمسار الثاني هو المتعلق بالشعب .. وخلافاً لما تظن الحكومة فإن الجهد السياسي الذي قام به حزب المؤتمر لم يكن كافياً البتة لتحقيق إجماع وطني مصادم لقرار الجنائية الدولية.. بل على النقيض تماماً ربما كان التيار الشعبي الـ(لا) مبالي مضافاً إليه "الشامت" أكبر من التيار المناصر للحكومة .. وتُسئل الحكومة وحزبها من هذا الموقف الشعبي.. فهو نتاج طبيعي للإستعلاء السياسي وغرور القوة والإستهانة بالعقل الجماهيري لصالح فرضية الإستمالة المصنوعة بالنفوذ والمال.ويصبح الوضع واضحاً كالشمس، لا يمكن للحكومة اللجوء – كالعادة – لتسيير المظاهرات وتجييش المواكب لأن مثل هذا الإجراء اُسُتنفذ في المرة الأولى عندما أعلن أوكامبو عن طلب مذكرة التوقيف.. وحتى لو لجأت اليه الحكومة فسيكون تحصيلا لحاصل بافتراض أن الأطراف الدولية تدرك أن مثل هذه المظاهرات لا تعكس الرأى الشعبي الحقيقي..و يبقى السؤال الذي يشكل مفتاح الحل أو الأزمة – بعد صدور قرار التوقيف – هل للمؤتمر الوطني الحاكم خطة للتعامل مع الوضع الناتج أم أن موازنات الأجنحة بداخله حولت التفكير كله في اتجاه حسابات الربح والخسارة لكل جناح.. على حساب الآخر..أغلب الظن.. أن المعركة القادمة هي داخل أسوار الوطني.. لا الوطن..!!