الأربعاء، 10 يونيو 2009

مسألة.. نزعته الرقابة الامنية من النسخة الورقية



مسألة.. نزعته الرقابة الامنية من النسخة الورقية
د.مرتضى الغالي

قالت تصريحات صادرة من رئاسة الجمهورية قبل أيام أن: (البندقية تأتي عندما يُحرم المواطن حق التعبير) وهذه عبارة صادقة و حقيقة واقعة ومجرّبة في السودان وفي غيره من بلاد الدنيا.. واحتباس هذا الحق هو الذي يقود فعلاً الي (الدروب الموحشة) ويؤدي إلي العنف بكل انواعه ودرجاته.. واذا كان إطلاق حق التعبير هو رأي رئاسة الدولة فيجب ان تعمل على ذلك كل اجهزة الدولة حتى تتسق كل مكونات السلطة على خط واحد.. واذا كان هناك في اي موقع من مواقع الدولة من يرى غير ذلك فعليه ان يرمي فوراً عباءة كتم التعبير، او ان يهجر موقعه (معذوراً ومشكوراً) حتى يتسق مع نفسه وقناعاته إذا لم يعجبه هذا التوجيه الصادر من قيادة الدولة التي يعمل في وظائفها.!!

ومهما يكن الأمر فإن من المعلوم أن حق التعبير هو الذي ينقل لنا شكايات المواطنين وظلاماتهم ومطالبهم وطموحاتهم وملاحظاتهم وافكارهم وما يريدونه من الدوله وما يشكون منه وما يتطلعون اليه حتى نعلم ماذا يطلب المزارعون وماذا يريد الرعاة وما هي مواجع الطلاب وماذا ينتظرالمفصولون وماهي افكار الخريجيين في التوظيف والاطباء في المرتبات وبيئة العمل وماذا يدور في المدارس والداخليات والمستشفيات و(الصناديق القومية) وما رأي الناس في الموازنة العامة وفي الانتخابات وفي الخدمة المدنية وماذا يحدث لهم في دواووين الدولة وما رأيهم في اللجان الشعبية التي تتحدث باسمهم وتأخذ منهم العشور والقبانات وما الذي يحدث في اموال الزكاة والتأمينات الاجتماعية والمعاشات، وماهو حال مواطني بعض اطراف السودان من حيث مياه الشرب والصحة والعلاج... وهلمجرا..
لا يمكن ان نمنع الجائع من من الحديث عن جوع بطنه ولا المغبون من كشف سبب غبنه ولا صاحب الفكرة من شرحها، ولا يمكن لأي مجتمع ان يدوس على أقدام أفراده ثم يمنعهم من الصراخ والتأوه ويقول لهم ( هُس ..ولا كلمة)..!
الحق في التعبير هو الطريق للاستقرار والتقدم والمحاسبة والشفافية، وعندما يحتجب هذا الحق وتخرس الاصوات فما عليك الا ان تنتظر الاحتباس والاحتقان والتململ ثم لا تنتظر بعد ذلك سوى انسداد القنوات واليأس من الاصلاح وتراكم الاهمال وتكويش المظالم.. ثم بعدها ستدرك ان هذه الحالة لا تثمر غير اللجؤ للعنف أو القنوط او الموات وزوال حيوية المجتمع أو (الهجرة إالي الواق واق).. وكل هذه آفات لا تصنع الدول الحيّة فلنجعل جميعنا من حق التعبير لكل الناس (التميمة والسوميتة) والايقونة التي نضعها على صدر المجتمع.. فلا يخاف من حرية التعبير سوى الجانحين والخطافين وضعفاء التأهيل... ومن يجلسون في غير مقاعدهم ..!