الأربعاء، 10 يونيو 2009

مسالة (نزعته الرقابة الامنية)



مسالة (نزعته الرقابة الامنية)
د.مرتضى الغالي

خلاصة الحكاية حول الخدمة المدنية - الموضوع الذي كنت قد بدأته وانقطع بسبب رحلة سفر خارج البلاد- هو انه اذا أردنا اصلاحاً للخدمة العامة فينبغي أن نعلم أن هذا الإصلاح لا يمكن أن يتم إلّا بعد دفع مُهره.. وهو الإعتراف الصريح بأن أزمة الخدمة المدنية الحالية (أزمة سياسية مية المية) أفضت الي خلل هيكلى بعد التسييس الكامل الذي حدث لها.. وهذا أمرٌ يراه الناس في كل ساحة.. كل يوم.. إذا كنت أنت من أهل الرضاء انصاعت لك كل اللوائح، وانزاحت أمامك كل القوانين، وفًتحت في طريقك كل المسالك والدروب.. وإذا كنت غير ذلك تجاهرك طاولة الخدمة في أغلب الأحوال بالجفاء و العداء.. بل يكاد بعض العاملين يعجب كيف لك ان تكون حياً حتى الآن..؟وكيف تجرؤ ان تطلب أداء الخدمة التي يجب أن تكون مكفولة لكل المواطنين..! ويا ويلك و(سواد ليلك) إذا أظهرتَ إحتجاجاً على تقديم شخص آخر عليك.. سواء في صف المعاملات أو في العطاءات أو التوكيلات..الخ، وأنظر يا مولاي لغالبية العاملين في منافذ الخدمة المدنية، حتى تعلم كيف انهم في كثير من الأحوال يديرون الأمور في الدواويين العامة وكأنهم منسوبي جهة واحدة يعملون في إحدى خلاياها.. ولا يخجلون من إظهار ذلك اثناء ساعات العمل الرسمية وفي مكاتب الدولة.. و يكاد كثير منهم أن يشعرك بأنهم يعملون بصفة أخرى غير صفة الوظيفة العامة.. وبماكينة آخرى غير ماكينة الوظيفة المدنية.. حيث يكادون في كثير من الأحوال يوحون لك بأن لهم علاقة مباشرة ببعض الأجهزة السياسية أو أنهم في حكم المجندين تحت لوائها.. بل أن بعضهم لديه (آليات أخرى) غير الأقلام قد تظهر من بين ثنايا جيوبهم من نوع تلك الآليات التي لا يجوز حِملها في الساحات المدنية ودواوين الدولة.. وأنت لست في حاجة لتعلم قدر الاستباحة الحزبية للخدمة العامة والأموال العامة في كثير من المظاهر.. وأنا هنا لا أرجم بالظن حيث أن من بين معارفي و(بلدياتي) في وظائف دنيا ومتوسطة مَن ذهبوا الي الحج زُمراً على حساب الدولة.. ليس بسبب أي إمتياز لديهم غير أنهم ذوي انتساب حزبي، مما جعل الأمر مثار دهشة بين معارفهم، مع أن هذا الأمر ليس فيه دهشة..! فهذه أصبحت من الامور المعلومة، وآخرين (من ذات الصنف) أصبحوا يفعلون ما يريدون بدعوى أنهم أعضاء في المجالس المحلية والشعبية.. اقتنوا البيوت المتعدّدة في ساحات أخذوها عنوة تحت هذه الحماية.. ولا تستطيع الخدمة المدنية ان تفتح فمها بكلمة واحدة لتقول لهم: هذا حق الدولة، أو هذه هي الاجراءات السليمة، أو هذا هو القانون.. فهل نريد حقاً إصلاح الخدمة المدنية والعمل بحقوق المواطنة؟! أم أننا نريد أن نغمض العيون، ونجعل الخدمة المدنية حارسة لمصالح فئة محدودة من الشعب السوداني.. تفعل ما تشاء بكل شئ.. وتجئ الخدمة المدنية لتبرر لهم أفعالهم، وتمحو آثار تجاوزاتهم ..على أنغام المطرب زيدان ابراهيم ( أغلطوا انتو يا أحباب… نجيكم نحنا بالأعذار)..!!