الأربعاء، 10 يونيو 2009

قال حرية صحافة قال..!!!(نزعته الرقابة الامنية)



قال حرية صحافة قال..!!!(نزعته الرقابة الامنية)
كتب : صلاح الدين عووضه


واحد ظريف سألني عن سبب عدم احتفالي باليوم العالمي لحرية الصحافة أمس..قلت لهذا الظريف متظارفاً: بل احتفلت..فأردف سؤاله هذا بآخر أكثر ظرفاً: لماذا لم نرَ احتفالك هذا إذن؟!..وتمادياً منّي في التظارف أجبته قائلاً: احتفلت (كُتّيمي!!)..وبعيداً عن أجواء الظرف والظرفاء هذه أقول (جادّاً) إنني لا أرى داعياً لمثل هذا الاحتفال من أصله..فالدول التي تتوافر فيها الحرّيات الصحفية ليست في حاجة إلى أن تحتفل..والدول التي تفتقر إلى الحرّيات هذه ليست في حاجة كذلك إلى أن تحتفل..أو أنّها ـ أي الدول الأخيرة هذه ـ ليس في (مقدورها) أن تحتفل..إذاً فما معنى احتفال تنقسم إزاءه الدول بين (غير محتاجة) و (غير قادرة)..؟!يعني هل يمكن أن نتخيل أنّ صحفيي السي إن إن مثلاً أو الواشنطن بوست أو الديلي ميرور يحتفلون باليوم العالمي لحرية الصحافة؟!.وهل يمكن في المقابل أن نتخيّل أنّ (ناس قريعتي راحت) ـ أو (حريّتي راحت) ـ من الصحفيين يحتفلون باليوم هذا؟!.. فإن فعل الأولون منهم فما ذاك إلا من باب المواساة لأخوانٍ لهم على أفواههم ـ وأقلامهم ـ مثل الذي على أفواه سكان المكسيك هذه الأيام بسبب انفلونزا الخنازير.. وإن فعل الأخيرون منهم فما ذاك إلا من (باب) استثنائي تفتحه لهم أنظمتهم بـ (حساب!!) ليقفل بعد المنحة الاستثنائية بالضبة والمفتاح.. والشيء العجيب ـ أو الظريف ـ أنّ كثيراً من الصحفيين المكممين هؤلاء يختارون لصحفهم أسماء ذات صلة بالذي اليه يفتقرون.. بل أنّ صحيفتنا هذه نفسها اسمها (أجراس الحرية).. ورغم أنّها صحيفة يحلو للبعض أن ينسبها للحركة الشعبية إلا أنّ شريك الحكم هذا نفسه لا يبدو حريصاً على الحرية ولا على أجراسها.. وقبل نحو عامين ذكرت في مقابلة مع قناة الجزيرة أنّ الحركة الشعبية لا تبدو منشغلة بقضايا الحريّات بقدر انشغالها بقضاياها الخاصة المُندرجة تحت بندي قسمة السلطة والثروة.. ولا يهمنا أن تغضب منّا قيادة الحركة الشعبية بمثلما لم يهمنا من قبل أن تغضب منّا قيادة حزب الأمة ونحن نتحدث عن (الاختراق!!) عبر صحيفة (صوت الأمّة).. واليوم الذي نراعي فيه أشياء هي ضد مبادئنا لهو يوم نقيض لليوم الذي نشير إلى احتفال العالم به.. نقيض لليوم العالمي لحرية الصحافة.. ففضوها سيرة إذن يا دعاة الاحتفال بيوم الحريات الصحفية.. فالحرية اذا كانت (في) فلا داعي للاحتفال بها.. وإذا كانت (مافي) فلا داعي للاحتفال بها كذلك.. ولا يأتيني ظريف آخر ليقول لي إنّ هامشاً من الحرية إذا توافر فاغتنمه لتحتفل طمعاً في المزيد.. فالذي (منحك) هذا الهامش اليوم يمكن أن (يسحبه) منك غداً.. والذي سمح لك بأن تحتفل احتفالاً (نص كُم) اليوم يمكن أن (يُكمّمك) غداً إن أنت فكرت في الاحتفال بيوم الصحافة العالمي.. فلا حريات في بلاد شعارها الذي ترفعه (على طول): (ما أريكم إلا ما أرى).. إلا أن (يسعى!!) للحريات هذه من يريدها.. أو يحتفل بيومها (كُتّيمي).