الأربعاء، 10 يونيو 2009

مسألة.. نزعته الرقابة الامنية من النسخة الورقية



مسألة.. نزعته الرقابة الامنية من النسخة الورقية
د. مرتضى الغالي

بالأمس كنّا في شرفة المجلس الوطنى بعد ان علمنا بعرض مسودة مشروع لقانون الصحافة والمطبوعات (الذي حارت البرية فيه) في مرحلة مناقشة السمات العامة، فشهدنا في قاعة المجلس موقفاً يعيد النضارة للأزاهير، والعبير للورود، والضياء للحدائق، والفراشات الي البراعم ويجعل الدماء تعود لتتدفّق في شرايين الأمل حيث اعلنت كتلة التجمع الوطني وكتلة الحركة الشعبية وكتلة سلام دارفور الإنسحاب من القاعة احتجاجاً على الكيفية التي تعامل بها المؤتمر الوطني ورئاسة المجلس مع توقيت وترتيب عرض القانون، بعيداً عن التشاور والتوافق المطلوب، رغم ان (طيور الروابي) تعلم كَمْ ان المسودة المعروضة معيبة ومتجانفة عن الدستور ووثيقة الحقوق ومستحقات الصحافة في منظومة التحوّل الديمقراطي...!
وليس هذا هو كل الأمر بل ان المنطق واللوائح يقرّان بأن يكون للكتل البرلمانية حظها من عرض مشروعات قوانينها (كتفاً بكتف) مع أي مسودات ومشروعات أخرى، بغير أفضلية لمسودة الحكومة أو المؤتمر الوطني، علاوة على ان اللائحة البرلمانية تنص على ابلاغ قيادات الكتل البرلمانية والتنسيق معها في إعداد جدول الأعمال المُدرجة في منصة البرلمان، وهذا ما لم يحدث (بعضمة لسان) هذه الكتل الثلاث، وبما لمسناه مما دار في الجلسة ..وما زالت الساحة السياسية والصحفية تأمل ان ينضم نواب آخرون الي الجانب الذي يدعو الي اعداد قوانين التحول الديموقراطي على أضواء الدستور الإنتقالي القائم وإتفاقيات السلام وميثاق الحقوق، حتى تنسجم الخُطى وتضئ شمعات الحريات في الدروب المفضية الي الانتخابات عبر المرحلة الحالية والقادمة التي يمر بها السودان في طريق محفوف بالتحديات، لا خروج منه إلي الفجر الجديد بغير مفارقة المحكومية القابضة لصالح المشاركة والشفافية، وضمان قيام سلطات المجتمع بأدوارها - بما في ذلك السلطة الرابعة- من أجل المجتمع ومن أجل السودان ومن أجل المستقبل ومن أجل بقاء الوطن متعافياً من الشروخ والبثور و(الكراضم) و الجروح التي أسخنته بما فيه الكفاية، وقد آن له أن يرتاح، وأن تنتهي مراكبه المنهكة إلي شاطئ المعافاة والمصافاة والحياة الطبيعية الراشدة التي ليس فيها جور ولا مظالم ولا غباين..!
.. هي إذن تحية واجبة للنواب الذين أبانوا عن إهتمامهم الكبير بقانون يتصل بأصول وجذور أمهات القضايا التي تشغل الساحة السودانية، والتي ينظر بسببها العالم إلينا ليرى مدى مقدرتنا على الخروج من المطبّات، ومدى إلتزامنا بتبعة الديموقراطية ومهرها الغالي، و بضريبة الحريات واجبة السداد، ومدى قدرتنا على إحتمال تعاطي (حبوب المشاركة) وقبول الرأى الآخر، حيث لا بد من مفارقة طريق الإجراءات المفخّخة وأساليب المقالب (التي مُش ولا بد)... وفطام النفوس عن إحتكار السلطة والثروة.. ومشروعات القوانين..!